للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورُوِي عن قتادةَ والحَسَنِ البصريِّ مثلُه (١).

وأمّا أبو حنيفة وأصحابُه فقالوا: إن تَرَك أربعةَ أشواطٍ من السَّعْي بين الصَّفا والمروةِ فعليه دمٌ، وإن ترَك أقلَّ كان عليه لكلِّ شوطٍ إطعامُ مسكينٍ نصفَ صَاعٍ من حِنْطَةٍ. قالوا: وإن ترَكَ ذلك في العمرة أو في الحجِّ ناسيًا فعليه دمٌ (٢).

وقال قومٌ: هو فرضٌ في العمرة، وليس بفَرضٍ في الحجِّ.

وقال طاوسٌ: من تَرَك السَّعيَ بينَهما فعليه عُمرةٌ (٣). واختَلَف فيه قولُ عطاءٍ.

ورُوِيَ عن ابن عباسٍ، وابن الزبير، وأنس بن مالكٍ، وابن سيرينَ، أنّه تطَوُّعٌ.

وحجَّةُ أبي حنيفةَ ومَن قال بقوله في السعي بين الصَّفا والمروةِ أنّه ليس بفَرْض قولُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الحجُّ عرفاتٌ، فمَنْ أدرَكها فقد أدرَكَ الحَجَّ" (٤). قالوا: فصار ما سواه ينُوبُ عنه الدَّمُ. قالوا: وإنّما السَّعْيُ بين الصَّفا والمروة تَبَعٌ للطَّوافِ، كما أنّ المبيتَ بالمزدَلِفَة تَبَعٌ للوقوفِ بعرَفَة، فلمّا ناب عن المبيتِ بجَمْع الدَّمُ، فكذلك ينُوبُ عن السَّعي الدَّمُ.

قال أبو عُمر: أمّا الوقوفُ بعرفةَ ففرضٌ مجتمَعٌ عليه، وأمّا المبيتُ أو حُضورُ المزدَلفَةِ للصلاةِ والذِّكر بها، فمختَلَفٌ في فَرْضِه، وإن كان مالكٌ، وأبو حنيفةَ، والشافِعيُّ، لا يَرَوْنَه فَرْضًا. وسيأتي ذِكْرُ حُكْمِ الوقوفِ بعرَفَة والمبيتِ بجَمْعٍ في بابِ ابن شهابٍ، عن سالمٍ، إن شاء الله.


(١) تقدم ذلك.
(٢) ينظر: مختصر اختلاف العلماء ٢/ ١٤٥.
(٣) ذكره العراقي في طرح التثريب ونسبه لابن أبي شيبة ولم نجده في المطبوع منه.
(٤) حديث صحيح.
أخرجه الطيالسي (١٤٠٥)، والحميدي (٩٢٣)، وعبد بن حميد (٣١٠)، والدارمي (١٩٢٩)، والترمذي (٢٩٧٥)، والنسائي في الكبرى (٣٩٩٨)، وابن الجارود (٤٦٨)، والسراج في حديثه (٥٤٤)، وابن حبان (٣٨٩٢)، وابن حزم في حجة الوداع (١٨٢)، والبيهقي في الكبرى (٩٨١٢)، وفي الشعب (٣٧٧٢)، والبغوي (٢٠٠١)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>