للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: المحلَّةُ قريةُ البوادي والمجاشِرِ (١) والقَياطِن (٢)، وكذلك القبائلُ والمياهُ والأحياء.

وقال الشافعيُّ (٣): إذا وُجِد في محلَّةٍ أو قبيلةٍ قتيلٌ، وهم أعداؤُه، لا يُحيطُ بهم غيرُهم، فذلك لَوْثٌ يُقسَمُ معه، وإن خالَطهم غيرُهم، فقد طُلّ دمُه، إلا أن يدَّعيَ الأولياءُ على أهل المحِلَّةِ، فيَحلِفون ويَبرؤون.

وفرّق الشافعيُّ بينَ أن يكونَ أهلُ القبيلةِ والمحلَّةِ أعداءَ المقتولِ فيُجعلَ عقلُه عليهم مع القَسامة، أو لا يكونوا فلا يلزَمَهم شيءٌ، وكذلك لو وُجِد قتيلٌ في ناحيةٍ ليس بقُربِه إلا رجلُ واحدٌ، ووُجِد بقُربِه رجلٌ في يدِه سكِّينٌ ملْطوخةٌ بالدَّم، فإنه يجعَلُ ذلك لوْثًا يُقسَمُ معَه، وسواءٌ كان به أثرٌ أم لم يكن.

واعتَبر أبو حنيفةَ إن كان بالقتيل أثرٌ فيجعَلُه على القبيلة، أو لا يكونُ له أثرٌ فلا يجعَلُه على أحد. وقولُ الثوريِّ، وابنِ شُبرمة، وعثمانَ البتيِّ، وابن أبي ليلى، في القَسامةِ كقول أبي حنيفة، إلا أنه سواءٌ عندَهم كان به أثرٌ أم لم يكنْ به أثرٌ (٤).

وقال الشافعيُّ، وأبو حنيفة، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، وسائرُ أهل العلم غيرَ مالكٍ والليث (٥): لا يُعتبرُ بقولِ المقتول: دمي عندَ فلان، ولا يُستحَقُّ بهذا القولِ قَسامةٌ.

واحتَجَّ جماعةٌ من المالكيين لمذهبِ مالكٍ في ذلك بقصّةِ المقتولِ من بني إسرائيل، إذ ذُبحتِ البقرةُ وضُرب ببعضِها فأحياهُ الله، فقال: فلانٌ قتَلني، فأُخِذ بقولِه.


(١) المجاشر: من الجَشْر: وهو أن يبرُزَ القوم بخَيْلِهم فيرعُوها أمام بُيوتهم. ويقال: أصبحوا جَشْرًا وجَشَرًا: إذا كانوا يبيتون مكانهم لا يرجعون إلى أهليهم. ينظر: جمهرة اللغة، واللسان مادة (جشر).
(٢) القياطِن: من قطَنَ بالمكان يقْطُنُ قُطونًا: أقام به وتوطَّن، فهو قاطن. اللسان مادة (قطن).
(٣) الأمُ ٦/ ٩٧، وينظر: مختصر المزني ٥/ ١٧٩، ومختصر اختلاف العلماء ٥/ ١٧٩.
(٤) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٥/ ١٧٨ - ١٧٩.
(٥) ينظر: المدوّنة ٤/ ٦٤٠، واختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي، ص ٤٢٣ - ٤٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>