للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُقتَلُ بها الجماعة، فكذلك القَسامةُ. واللّهُ أعلم. والاحتجاجُ على هذه الأقوالِ ولها يطول. واللّهُ المستعان.

وقال أبو حنيفة: لا يُستحَقُّ بالقَسامةِ قَوَدٌ. خلافَ قولِ مالك، وعلى كلا القولينِ جماعةٌ من السلف.

وعن الشافعيِّ روايتان؛ إحداهما: أن القَسامةَ يُستحَقُّ بها القَوَدُ ويُقتَلُ بها الواحدُ والجماعةُ إذا أقسَموا عليهم في العمد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتَستَحِقُّونَ دمَ صاحبِكم، أو قاتلِكم".

والقولُ الآخر: كقولِ أبي حنيفة، أنَّ القَسامةَ تُوجبُ الديةَ دونَ القَوَدِ في العمدِ والخطأ جميعًا، إلا أنها في العمدِ في أموالِ الجناة، وفي الخطأ على العاقلة (١).

والحُجّةُ من جهةِ الأثرِ في إسقاطِ القَوَدِ في القَسامةِ حديثُ أبي ليلى، عن سَهْل، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قوله: "إمّا أن يَدُوا صاحبَكم، وإمّا أن يُؤْذَنُوا بحَرْب" (٢).

وتأوّل مَن ذهَب إلى هذا في قوله: "دمَ صاحبِكم": ديةَ صاحبكم (٣)؛ لأنَّ مَن استحقَّ ديةَ صاحبِه فقد استحقَّ دمَه؛ لأنَّ الدَّيةَ قد تؤخَذُ في العمْد، فيكونُ ذلك استحقاقًا للدم.

قال أبو عُمر: الظاهرُ في ذكرِ الدَّم القَوَد، واللّهُ أعلم. وسيأتي ذكرُ حديثِ أبي ليلى في موضعِه من هذا الكتاب إن شاء الله، ويأتي القولُ في هذا المعنى فيه هناك بعونِ الله.


(١) ينظر: اختلاف أهل العلم في وُجوب القَوَد بالقسامة: الأوسط لابن المنذر ١٣/ ٤٢٤ - ٤٢٧.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٤٥١ (٢٥٧٣)، وحديث عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ليلى، عن سهل بن أبي حثمة سيأتي مع تمام تخريجه والكلام عليه في موضعه إن شاء الله تعالى.
(٣) قوله: "دية صاحبكم" سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>