للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر عبدُ الرَّزَّاق (١) وغيرُه: عن سفيانَ بن عيينةَ - وهذا لفظُ حديثِ عبد الرَّزَّاق - قال: أخبَرنا ابنُ عيينةَ، عن شيخٍ منهم يُقالُ له: أبو سعدٍ، عن رجلٍ شهِد ذلك، أحسَبُه نَصرَ بن عاصم، أن المستوْرِدَ بن عُلَّفَةَ (٢) كان في مجلسٍ وفَرْوةُ بن نوفلٍ الأشجَعيّ، فقال رجلٌ: ليس على المجوسِ جزيةٌ، فقال المستوردُ: أنت تقولُ هذا وقد أخَذ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من مجوسِ هَجَرَ الجزيةَ، والله لَمَا أخفَيتَ أخبَثُ ممّا أظهَرتَ. فذهبَ به حتى دخَلا على عليٍّ رضي الله عنه وهو في قصرِه جالسٌ في قُبَّةٍ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، زعَم هذا أنّه ليس على المجوسِ جزيةٌ، وقد علِمتَ أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أخَذها من مجوسِ هجرَ. فقال عليٌّ: اجلِسا، فوالله ما على الأرضِ اليومَ أحدٌ أعلمُ بذلك منِّي، كان المجوسُ أهلَ كتاب يقرؤونه وعِلْم يدرُسونه، فشرِب أميرُهم الخمرَ، فوقَع على أختِه، فرآه نفرٌ من المُسلمين، فلمّا أصبَح قالت أختُه: إنّك قد صنَعتَ بها كذا وكذا، وقد رآك نَفَرٌ لا يَسْتُرون عليك. فدَعا أهلَ الطَّمَع فأعطاهم، ثم قال لهم: قد عَلِمتم أنَّ آدمَ أنكَحَ بَنِيه بَناتِه. فجاء أولئك الذين رأوه، فقالوا: ويلًا للأبعدِ، إنَّ في ظهرك حدًّا. فقتَلهم وهم الذين كانوا عندَه، ثم جاءتِ امرأةٌ فقالت: بَلَى، قد رأيتُك. فقال لها: ويحًا لبغيِّ بني فلان. فقالت: أجلْ والله، لقد كنتُ بغيًّا ثم تُبْتُ. فقتَلَها، ثم أُسرِي على ما في قُلُوبهم وعلى كِتابِهم، فلم يُصبِحْ عندَهم شيءٌ منه (٣).


(١) المصنف (١٠٠٢٩) و (١٩٢٦٢).
(٢) في الأصل: "غفلة"، وهو تحريف صوابه ما أثبتنا، وهو المستورد بن عُلَّفة بن الفريس بن ضبارى الخارجي، قتله معقل بن قيس الرياحي في إمارة المغيرة بن شعبة (ينظر المؤتلف والمختلف للدارقطني ٣/ ١٤٦٨، ١٦٣٨، وجمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ١٩٩، والإكمال لابن ماكولا ٦/ ٢٥٩، وتهذيب الكمال ٢٩/ ٣٤٧ ترجمة نصر بن عاصم الليثي).
(٣) أخرجه الشافعي في مسنده (٤٣٢)، وأبو يعلى (٣٠١) من طريق سفيان بن عيينة مختصرًا، والبيهقي في الكبرى ٩/ ١٨٨ من طريق الشافعي عن سفيان، به، وسمى الشيخ المبهم: سعيد بن المرزبان.=

<<  <  ج: ص:  >  >>