للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَف الفقهاءُ في هذا الباب؛ فقال مالكٌ: لا قطعَ في كَثَرٍ، والكَثَرُ الجُمّارُ، ولا قطعَ في النَّخْلةِ الصغيرةِ ولا الكبيرة، ومن قلَع نخلةً أو قطَعها من حائطٍ فليس فيها قطعٌ. قال: ولا قطعَ في ثمرِ الأشجار، ولا في الزرع، ولا في الماشية، فإذا أوَى الجَرينُ الزرعَ أو الثمرَ، وأوَى المُراحُ الغَنَمَ، فعلى مَن سرَق من ذلك قيمةَ رُبُع دينار، القطعُ (١).

قال ابنُ الموّاز: مَن سرَق نخلةً أو ثمرةً في دارِ رجلٍ قُطِع، بخلافِ ثمرِ شجرِ الحائطِ والجِنان.

قال أبو عُمر: لم يختلِفْ مالكٌ وأصحابُه أنَّ القَطْعَ واجبٌ على مَن سرَق رُطَبًا أو فاكهةً رَطْبةً إذا بلَغت قيمتُها ثلاثةَ دراهم، وسُرِقت من حرزٍ -وهو قولُ الشافعيِّ (٢) - لحديثِ عثمان، أنه قطَع سارقًا لمرَق أُترُجَّةً قُوِّمت بثلاثةِ دراهم (٣). قال مالكٌ: وهي الأُترُجَّةُ التي يأكلُها الناسُ.

قال أبو عُمر: وهذا يدلُّ على أنَّ القَطْعَ واجبٌ في الثمرِ الرَّطْب، صَلَحَ أن يَيبَسَ أو لم يَصْلُح؛ لأنَّ الأترُجَّ لا يَيبَسُ.

وقال أشهبُ (٤): يُقطَعُ سارقُ النخلةِ المطروحةِ في الجنانِ المحروسة. وقال ابنُ القاسم: لا يُقطَعُ (٥).


(١) ينظر: المدوّنة ٤/ ٥٣٦ - ٥٣٧، والتهذيب في اختصارها للقيرواني ٤/ ٤٣٣ - ٤٣٤ (٣٩٩٦) و (٣٩٩٧)، والبيان والتحصيل لابن رشد ١٦/ ٢١٥ - ٢١٧.
(٢) ينظر: الأمّ له ٦/ ١٤٠، ١٥٩.
(٣) أخرجه مالك في الموطّأ ٢/ ٣٩٤ (٢٤٠٨) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عَمْرة بنت عبد الرحمن. وعنه الشافعيُّ في الأم ٦/ ١٤٠، ١٥٩، ومن طريقه البيهقي في الكبرى ٨/ ٢٦٢ (١٧٦٥٨).
(٤) نقل القول في ذلك عنهما ابن رشد في البيان والتحصيل ١٦/ ٢١٣.
(٥) نقله عن سفيان الثوريِّ محمد بن نصر المروزيُّ في اختلاف الفقهاء، ص ٤٩٨ (٢٨١) وزاد بعد قوله "يُعزَّر": "ويغرم"، وينظر: الأوسط لابن المنذر ١٢/ ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>