للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعتلُّوا بأنّ عُمرَ بنَ الخطاب كان يقول: مُتْعتانِ كانتا على عهدِ رسولِ اللّه -صلى الله عليه وسلم-، أنا أنهَى عنهما، وأعاقِبُ عليهما؛ متعةُ النساء، ومتعةُ الحجِّ (١)؛ يعني فَسْخَ الحجِّ في العمرة، ومعلومٌ أنَّ عُمرَ لم يكنْ لينهَى عن شيءٍ فعَله رسولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- أو أباحه أو أمَر به، ولا ليعاقِبَ عليه، إلا وقد علِمَ أنَّ ذلك إمّا خصوصٌ، وإمّا منسوخٌ، هذا ما لا يَشُكُّ فيه ذو لُبٍّ.

واعتلُّوا أيضًا بما رُوِيَ في ذلك عن أبي ذرٍّ وبلالِ بنِ الحارثِ المزنيِّ (٢)، أنَّ ذلك خُصوصٌ لأصحاب النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

وممّن ذهَب إلى أنَّ فسْخَ الحجِّ في العُمرةِ لا يجوزُ لأحدٍ اليوم، وأنه لم يَجُزْ لغيرِ أصحابِ رسولِ اللّه -صلى الله عليه وسلم-: مالكٌ، والشافعيُّ، وأبو حنيفة، وأصحابُهم، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، والليثُ بنُ سَعْد، في جماعةٍ من التابعين بالحجاز، والعراق، والشام، ومصرَ. وبه قال أبو ثور، وإسحاقُ بنُ راهُوية، وأبو عُبيد، والطبريُّ، وهو قولُ أكثرِ أهل العلم (٣).

وكان أحمدُ بنُ حنبل وداودُ بنُ عليٍّ (٤) يذهبان إلى أن فسْخَ الحجِّ في العمرةِ جائزٌ إلى اليوم ثابت، وأنَّ كلَّ مَن شاءَ أن يفسَخَ حجَّه في عَمرةٍ إذا كان ممّن لم يسُقْ هَدْيًا، كان ذلك له اتِّباعًا للآثارِ التي رُوِيت عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في ذلك.


(١) سيأتي بإسناد المصنِّف مع تخريجه بعد قليل.
(٢) سيأتي حديثا أبي ذرٍّ وبلال بن الحارث المُزني بأسانيد المصنِّف من وجوه عديدة مع تخريجها.
(٣) ينظر: اختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المرزوي، ص ٣٩٥ (١٩٩)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ١٣٥ - ١٤١، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر القفّال الشاشي ٣/ ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٤) ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح، ص ٣٥٨ (٣٢٦)، ورواية أبي داود، ص ٤٠٨ (١٩١٨)، واختلاف الفقهاء لمحمد بن نصر المروزي، ص ٣٩٥ (١٩٩)، والمحلّى لابن حزم ٧/ ١٠٣ - ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>