للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللُّصوص، وما أشبَهَ ذلك ممّن قُتِلَ مظلومًا؛ فقال مالكٌ (١): لا يُغسّلُ إلّا من قتَلَهُ الكُفّارُ وماتَ في المُعْتَرك هذا وحْدَه؛ وأما مَنْ قُتِلَ في فِتْنةٍ أو نائرة، أو قتَلهُ اللُّصوصُ، أو البُغاةُ، أو قُتِلَ قوَدًا، أو قَتلَ نفْسَه، وكلُّ مقتُولٍ غيرُ المقتُولِ في المُعتَركِ قتيلُ الكُفّار، فإنّه يُغسَّلُ ويُصلّى عليه.

وقال أبو حنيفة، والثوريُّ (٢): كلُّ مَنْ قُتِلَ مظلُومًا لم يُغسّلْ، ولكنّه يُصلّى عليه وعلى كلِّ شهيد، وهو قولُ سائرِ أهلِ العراق.

ورَوَوْا من طُرقٍ كثيرةٍ صِحاح عن زيد بنِ صُوحانَ أنه قال: لا تَنزِعُوا عنِّي ثوْبًا ولا تَغْسِلُوا عنّي دماءً، وادْفِنُوني في ثيابي. وقد رُوِيَ عنه: إلا الخُفّين.

وقُتِلَ زيدُ بنُ صُوحانَ يومَ الجَمَل، وثبتَ عن عمّارِ بنِ ياسر؛ أنّه قال مثلَ قولِ زيدِ بنِ صُوحانَ. وقُتل عمّارٌ بصِفِّينَ سنةَ سبعٍ وثلاثين، وصلّى عليه عليٌّ، ولم يُغسِّلْه (٣).

وروى هشامُ بنُ حَسّان، عن محمدِ بنِ سِيْرين في خبَرِ حُجْرِ بنِ عديِّ بنِ الأدْبَر؛ أنه قال: لا تُطْلِقُوا عنِّي حديدًا، ولا تغْسِلُوا عنِّي دمًا، وادْفِنُوني في ثِيابي، فإنِّي لاقٍ مُعاويةَ بالجادّة، وإنِّي مُخاصِمٌ (٤).


(١) المدوّنة ١/ ٢٥٨ - ٢٥٩، والتهذيب في اختصار المدوّنة للقيرواني ١/ ٣٤١ (٣٩٩) و (٤٠٠).
(٢) ينظر: الأوسط لابن المنذر ٥/ ٣٧١ - ٣٧٢، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ١٨٠.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٣/ ٥٤٢ (٦٦٤٠) و ٥/ ٢٧٣ (٩٥٨٦) عن سفيان الثوري، عن مِخْوَل بن راشد النهدي، عن العَيْزار بن حُريث العبدي، عن زيد بن صوحان، به.
وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٦/ ١٢٥، وابن أبي شيبة في المصنَّف (١١١٠٧)، والبخاري في التاريخ الكبير ٣/ ٣٩٧ (١٣٢٥)، والبيهقي في الكبرى ٤/ ١٧ (٧٠٧٢) و ٨/ ١٨٦ (١٧٢١٩) من طرق عن سفيان الثوري، به. ورجال إسناده ثقات.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١١١٠٤) و (٣٣٤٧٦)، وابن جرير الطبري في تاريخه ٥/ ٢٥٦ - ٢٥٧، والحاكم في المستدرك ٣/ ٤٦٩ - ٤٧٠، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٢/ ٢٢٥ و ١٢/ ٢٢٧ - ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>