للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وهذا يدلُّ على أنّ صلاتَه بقومِه كانت فريضتَهُ، وكان مُتطوِّعًا بصلاتِه مع النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

قالوا: وصلاةُ المُتنفِّلِ خلْفَ مَنْ يُصلّي الفريضةَ لا يختلفونَ في جوازِها. وقال الشافعيُّ والأوزاعيُّ وداودُ والطبريُّ، وهو المشهورُ عن أحمدَ بنِ حنبل (١): يجوز أن يقْتديَ في الفريضةِ بالمُتنفِّل، ويُصلِّي الظُّهرَ خلْفَ مَنْ يُصلّي العصْرَ؛ فإنّ كلَّ مُصلٍّ يصلّي لنفْسِه؛ ومِنْ حُجّتِهم أن قالوا: إنما أُمِرْنا أن نأتمَّ به فيما ظهَرَ من أفعالِه، أمّا النِّيةُ فمُغيَّبةٌ عنّا، وما غابَ عنّا فإنّا لم نُكلَّفْهُ.

قالوا: وفي هذا الحديث نفسُه: دليلٌ على صحّة ذلك، لأنه قال: "إنّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتمَّ به، فلا تختلفُوا عليه إذا ركعَ فاركَعُوا، وإذا سجَدَ فاسجُدوا،


= وأصل الحديث ثابتٌ وصحيح من غير هذا الوجه، فقد أخرج أحمد في المسند ٢٢/ ٩٩ (١٤١٩٠)، والبخاري (٧٠٥) من حديث محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أنه أقبلَ رجلٌ بناضِحَين وقد جنح الليل، فوافقَ معاذًا يُصلِّي، وأقبل إلى معاذ، فقرأ بسورة البقرة أو النساء، فانطلق الرجلُ، وبلغه أنّ معاذًا نالَ منه، فأتى النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فشكا إليه معاذًا، فقاله النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يا معاذُ، أفتّانٌ أنتَ؟ " أو "أفاتِنٌ" ثلاث مرار، "فلولا صلّيتَ بسبِّح باسم ربك الأعلى، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى، فإنه يُصلّي وراءك الكبير، والضعيف، وذو الحاجة". وهو عند مسلم (٤٦٥) من حديث عَمْرو بن دينار، عنه رضي الله عنهما. وسيُشير المصنف في الآتي من شرحه إلى هذا الحديث.
ويُروى معناه أيضًا بإسناد صحيح من حديث عبد العزيز بن صهيب، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أخرجه أحمد في المسند ١٩/ ٢٧٢ - ٢٧٣ (١٢٢٤٧)، والنسائي في الكبرى ١٠/ ٣٣٦ (١١٦١٠).
(١) ينظر: الأمّ للشافعيّ ١/ ٢٠٠، ومسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ٢/ ٤٤٩ - ٤٥٠ (١٣٨)، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٤٦، وحلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء لأبي بكر الشاشيّ القفّال ٢/ ١٧٥ - ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>