للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال يَحْيَى بن سعيدٍ: الثوبُ والسَّوْطُ والنَّعْلان صَداق إذا رَضِيَتْ به.

وأجاز الصداقَ بقليلِ المالِ وكثيرِه من غيرِ حَدٍّ: الحسنُ البَصْريُّ، وعَمْرُو بن دينارٍ، وعُثمانُ البَتِّيُّ، وابنُ أبي لَيْلَى، وسفيانُ الثوْرِيُّ، واللَّيْثُ بن سعدٍ، والأوْزَاعِيُّ، والشَّافِعِيُّ وأصْحابُه، والحسنُ بن حَيٍّ، وعُبَيْدُ الله بنُ الحَسَنِ، وجماعةُ أهْلِ الحديثِ؛ منهم: وكِيعٌ، وَيحْيَى بن سعيدٍ القَطَّانُ، وعبدُ الله بن وَهْبٍ صاحبُ مالكٍ، كانوا يُجِيزُون النِّكاحَ بدرهمٍ ونصفِ درهم. وكان ابن شُبْرُمَةَ لا يُجِيزُ أنْ يكونَ الصَّداقُ أقَلَّ من خَمْسَةِ دراهمَ، ولا تُقْطَعُ اليَدُ عندَه في أقَلَّ من ذلك (١).

قال الشافعيُّ وأصحابُه: ما جازَ أن يكونَ أجرةً لشيءٍ أو ثَمَنًا له، جاز أن يكونَ صداقًا (٢)، قياسًا على الإجارَاتِ؛ لأنّها مَنافعُ طارئةٌ على أعْيانٍ باقيةٍ، وأشْبَهُ الأشياءِ بالإجاراتِ الاستمتاعُ بالبُضْع، قالوا: وهذا أوْلَى من قياسِه على قَطْع اليَد. قالوا: ولا مَعْنَى لمَن شَبَّهَ المهرَ اليسيرَ بمهرِ البَغِيِّ؛ لأنَّ مَهرَ البَغِيِّ لو كان قِنْطارًا لم يَجُزْ ولم يَحِلَّ؛ لأنّ الزِّنَى ليس على شُرُوطِ النِّكاحِ: بالشُّهُودِ والوَلِيِّ والصَّداقِ المعلُوم، وما يَجِبُ للزَّوْجاتِ من حقوقِ العصمةِ، وأحكامِ الزَوجيةِ، وأنْشَدَ بعضُهم لبعضِ الأعراب (٣):

يقُولُون تَزْوِيجٌ وأشْهَدُ أنّه ... هو البيعُ إلّا أنّ مَن شاءَ يكذبُ

وسنَزِيدُ هذا البابَ بيانًا في بابِ أبي حازِمٍ، عندَ قولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "التَمِسْ ولو خَاتَمًا من حديدٍ" إن شاءَ اللهُ.

أخبَرنا أحمدُ بن قاسِم وأحمدُ بن سعيدٍ، قالا: حدَّثنا ابن أبي دُلَيم، قال: حدَّثنا


(١) ينظر: مصنف ابن أبي شيبة (١٦٦١٨) فما بعد.
(٢) مختصر المز في ٨/ ٢٨٠، والإقناع للماوردي ١/ ١٤٠، والحاوي ٩/ ٣٩٦.
(٣) ورد البيت غير منسوب وبلفظ مغاير في عيون الأخبار ٤/ ٧٢، ومحاضرات الأدباء ٢/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>