للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحدَّثناه أبو محمدٍ عبدُ الله بن محمدِ بن يحيى، قال: حدَّثنا محمدُ بن يحيَى بن عُمرَ بن عليٍّ، قال: حدَّثنا عليُّ بن حرب، قال: حدَّثنا سُفيانُ بن عُيينةَ، عن حُميدٍ الأعرج، عن سُليمانَ بن عَتيقٍ، عن جابرِ بن عبدِ الله، أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهَى عن بَيع السِّنينَ، وأمَر بوضعِ الجَوائح" (١).

وممّن قال بوضعِ الجوائحِ هكذا مُجمَلًا: أكثرُ أهلِ المدينةِ؛ منهم: يحيى بن سعيدٍ الأنصاريُّ (٢)، ومالكُ بن أنسٍ وأصحابُه، وهو قولُ عمرَ بن عبدِ العزيزِ، وبوضعِ الجَوائحِ كان يقضِي رضي اللهُ عنه (٣). وبه قال أحمدُ بن حنبلٍ، وسائرُ أصحابِ الحديثِ، وأهلُ الظاهرِ. إلّا أنّ مالكًا وأصحابَه وجُمهورَ أهلِ المدينةِ يُراعُون الجائحةَ، ويعتَبِرُون فيها أن تبلُغَ ثُلُثَ الثمرةِ فصاعدًا، فإن بلَغَتِ الثُّلُثَ فصاعدًا حَكَمُوا بها على البائِع، وجعَلوا المصيبةَ منه، وما كان دُونَ الثُّلُثِ ألْغَوه، وكانت المصيبَة عندَهم فيه من المبتاعِ، وجعَلوا ما دون الثُّلُثِ تَبَعًا لا يُلتَفتُ إليه، وهو عندَهم في حكمِ التافِه اليسيرِ؛ إذ لا تَخْلُو ثَمَرَةٌ من أن يتَعَذَّرَ القليلُ من طِيبِها، وأن يَلْحَقَها في اليَسِيرِ منها فسادٌ، فلمّا لم يُرَاعِ الجميعُ ذلك التَّافِهَ الحقِيرَ، كان ما دونَ الثُّلُثِ عندَهم كذلك.

وذكَر عبدُ الرَّزَّاقِ (٤)، عن مَعْمرٍ، قال: كاد أهلُ المدينةِ ألّا يَسْتَقَيموا في الجائِحَةِ (٥)، يقولون: ما كان دونَ الثُّلُثِ فهو على المشْتَرِي إلى الثُّلُثِ، فإذا كان


(١) أخرجه الشافعي في الأم ٣/ ٥٦، وفي السنن المأثورة (٢٠٤) و (٤١٥) عن سفيان، به، ومن طريقه أخرجه أبو عوانة (٥٠٩٥)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٣٤، والبيهقي في الكبر ى ٥/ ٣٠٦، وأخرجه أحمد ٢٢/ ٢٢١ (١٤٣٢٠)، ومن طريقه أبو داود (٣٣٧٤) عن سفيان، به.
(٢) أخرجه سحنون في المدونة ٥/ ٣٢.
(٣) الموطأ (١٨١٧).
(٤) في المصنف (١٥١٥٤).
(٥) في المصنف: "كان أهل المدينة يستقيمون في الجائحة"، والباقي مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>