فلما وصل الأمير طاجار الدوادار قال لتنكز:"قم احضر عند السلطان والخيرة لك".
فقال له تنكز:"امض أنت وأنا بعد ثمانية أيام أحضر عند السلطان". فرجع الأمير طاجار عند السلطان، وما أبقى ممكنا في حق تنكز من الأذى.
فلما سمع السلطان ذلك عين إلى تنكز تجريدة ثقيلة من القاهرة، ورسم للنواب كلهم أن يمشوا على تنكز. فلما وصلت التجريدة إلى الشام، ومشت على تنكز جماعة من النواب، حاصروه وهو بالشام فطلب منهم الأمان، ونزل إليهم فقبضوا عليه وقيدوه، وذلك في ثالث عشر ذي الحجة سنة أربعين وسبعمائة.
ولما أمسك تنكز احتاطوا على موجوده من صامت وناطق، فالذي قد ضبط من الذهب العين ثلثمائة ألف دينار وستون ألف دينار، ومن الفضة النقدية ألف ألف درهم وخمسمائة ألف درهم، ووجد له من الفصوص الياقوت والبلخش واللؤلؤ الكبار ثلاثة صناديق، ووجد عنده من الطراز الزركش والحوائص الذهب والخلع الأطلس مائة وخمسون بقجة، ومن القماش الصوف وغير ذلك خمسمائة بقجة، ووجد عنده من الفراش والبرك والأواني ما حمل إلى القاهرة على مائة وخمسين جملا، ووجد له ودائع عند الناس مائتا ألف دينار، ومن الفضة ألف ألف ومائة ألف درهم، وظهر له من الأملاك والضياع بمصر والشام ما قوم في كل سنة بمائة ألف دينار.
فلما وصل تنكز إلى القاهرة حمل موجوده إلى الخزائن الشريفة، ورسم له بالتوجه إلى السجن بثغر الاسكندرية، فسجن بها. ولما سجن أقام بالسجن أربعين يوما وهو مقيد، ثم أن السلطان رسم بخنقه، فأرسل إليه الحاج ابراهيم بن صابر مقدم الدولة فخنقة بالسجن وغسله وصلى عليه ودفنه بثغر الاسكندرية … فذهب ماله، وتخلى عنه سلطانه. وقد قيل:
لا فهم في الدنيا لمستيقظ … بلمحها بالفكرة الباصرة
ان كدرت عيشته ملها … وان صفت كدرت الآخرة
قيل:"ثلاثة لا يؤمن إليها: المال وان كثر، والملوك وان قربوا منك، والمرأة وان طالت صحبتها".
ثم ان تنكز أقام مدفونا بثغر الاسكندرية مدة يسيرة، ثم أن بعض الأمراء شفع فيه بأن ينقل ويدفن في مدرسته التي أنشأها بدمشق، فرسم السلطان بنقله وهو ميت إلى دمشق في أواخر سنة أربعين وسبعمائة. وفيه يقول الشيخ صلاح الدين الصفدي: