قطعه، فلما بلغ عسكر تمرلنك ذلك تتبعوا القان أحمد وخاضوا خلفه الماء فهرب منهم، فتتبعوه مسيرة ثلاثة أيام، فلما حصلت له هذه الكسرة قصد التوجه إلى نحو الديار المصرية.
ثم حضر قاصد نائب حلب وأخبر بأن القان أحمد بن أويس قد وصل إلى حلب، فلما تحقق السلطان صحة هذا الخبر جمع الأمراء واستشارهم فيما يكون من أمر القان أحمد، فوقع الاتفاق من الأمراء على أن السلطان يرسل إليه الاقامات ويلاقيه، فعند ذلك عين السلطان الأمير أزدمر الساقي - وصحبته الاقامات وما يحتاج إليه القان أحمد من مال وقماش وغر ذلك - فخرج الأمير أزدمر على جياد الخيل.
ثم في عقيب ذلك حضر إلى الأبواب الشريفة قاصد أبي يزيد بن مراد بك بن عثمان ملك الروم على يده تقادم عظيمة للسلطان. وكان سبب مجيء قاصد ابن عثمان أنه أرسل يخبر السلطان بأمر تمرلنك ويحذره عن الغفلة في أمره، وأرسل يطلب من السلطان حكيما حاذقا في صنعة الطب، وأدوية توافق مرضه الذي كان يشكو به، فانه كان يشكو بضربان المفاصل. فلما وقف السلطان على مطالعة ابن عثمان، وعلم ما فيها، عين له الرئيس شمس الدين بن صفير، وأرسل صحبته حملين من الأدوية التي توافق مرضه، وأرسل اليه هدية عظيمة على يد قاصد من عند السلطان، فتوجهوا إلى ابن عثمان.
ثم في عقب ذلك حضر قاصد صاحب ماردين وأخبر بأن تمرلنك ملك بلاد الأكراد وأخبر بأن الملك محمود شاه - أستاذ تمرلنك - قد توجه إلى نحو البصرة وحاصر أهلها، فجمع صاحب البصرة جماعة كثيرة من العساكر والعربان والتقى مع عساكر الملك محمود شاه، فكان بينهما واقعة عظيمة لم يسمع بمثلها، فقتل بها الملك محمود شاه أستاذ تمرلنك، وأسر بها ابن تمرلنك، فأرسل تمرلنك بطلب من صاحب البصرة الأمان، وأنه يطلق إليه ولده ومن عنده من الأسرى، فأرسل صاحب البصرة يقول له:" ما أطلق ولدك ولا الأسرى الذين عندي حتى تطلق ابن القان احمد بن أويس الذي عندك وجميع من عندك من الأسرى ". .. فلما سمع تمرلنك هذا الجواب حنق منه وأرسل عسكرا ثقيلا وحاصر البصرة، فلم يقدر عليها، وقتل من عسكره ما لا يحصى عدده، ودخل عليه الشتاء فرجع إلى بلاده ليجمع العساكر ويرجع إلى حصار البصرة، فلما تواترت الأخبار بذلك رسم السلطان للأمير علاء الدين بن الطبلاوي وإلى القاهرة بأن ينادي في القاهرة للعسكر بالعرض في الميدان بسبب تمرلنك الخارجي، وجعل يكرر هذه المناداة ثلاثة أيام متوالية بألا يتأخر عن العرض لا كبير ولا صغير، وعلق الجاليش، فاضطربت أحوال