عسكر تمرلنك أشياء كثيرة، فقيل إن عسكر مصر كانوا ينفخون القرب وبجعلونها تحت بطون الخيل ويعدون من الفرات تحت الليل حتى يقعوا مع عسكر تمرلنك، وفي ذلك يقول القائل:
ولما ترامينا الفرات بخيلنا … سكرنا نهارا بالقوى والقوائم
فأوقفت التيار عن جريانه … إلى حيث عدنا بالغنى والغنائم
ثم بلغ السلطان أن تمرلنك رجع إلى بلاده. فلما تحقق السلطان ذلك قصد الرجوع إلى نحو الديار المصرية، وكذلك القان أحمد بن أويس رجع إلى بلاده. ولم يقع بين تمرلنك وبين الملك الظاهر برقوق قتال في هذه المرة، بل رجع كل من الفريقين إلى بلاده.
ثم أن السلطان رجع إلى الشام فأقام بها أياما، وخلع على المقر السيفي ثغرى بردى بن يشبغا واستقر به نائب حلب، ونقل الأمير أرغون شاهمن نيابة صفد إلى طرابلس، وخلع على الأمير أقبغا الجمالي واستقر به نائب صفد عوضا عن أرغون شاه، وخلع على الامير دقماق المحمدي واستقر به نائب ملطية، وخلع على الأمير مقبل كاور واستقر به نائب طرسوس، وخلع على الأمير منكلى بغا الأشبغاوي واستقر به نائب الرها، وخلع على الأمير طفنجي واستقر به نائب قلعة المسلمين.
وفي هذه السنة جاءت الأخبار من بلاد المغرب بأن ابن أبي السباع صاحب تونس قد توفى إلى رحمة الله تعالى واستقر ولده أبو فارس عبد العزيز - ويعرف بعزوز - عوضه في مملكة تونس وتوفى أبو العباس أحمد بن أبي سالم صاحب مدينة فاس، وتوفى أبو الحجاج يوسف المعروف بابن الأحمر صاحب بلاد الأندلس وتولى من بعده ابنه أبو عبد الله محمد الأندلسي، وكان ابن الأحمر ملك الأندلس هذا شاعرا ماهرا وله شعر جيد في البديع، فمن ذلك قوله مخاطبا لمحبوبته حمدونة الأندلسية:
أيا ربة الخال التي أذهبت نسكى … على أي حال كان لا بد لي منك
فاما بذل وهو أليق بالهوى … وأما بعز وهو أليق بالملك
وفي هذه السنة توفى أبو العباس أحمد صاحب بلاد قسطنطينية الهواء ببلاد المغرب، وفيها توفى القاضي محيي الدين يحيى بن فضل الله كاتب السر الشريف بالديار المصرية وتولى من بعده القاضي بدر الدين أبو الثناء محمود الكلستاني الحنفي، وتوفى الصاحب