للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمراء الطبلخانات والأمراء العشراوات، واجتمع عنده من المماليك السلطانية والسيفية ما لا يحصى.

واجتمع عند الملك الناصر بالقلعة جماعة من الأمراء المقدمين وهم: الأمير يشبك الشعباني، والأمير طاز والأمير سودون المارديني، والأمير بيبرس الدوادار، والأمير اينال باي بن قجماس، وجماعة كثيرة من الأمراء الطبلخانات والعشراوات وجماعة كثيرة من المماليك الظاهرية.

فلما لاح الصباح نزلوا إلى باب السلسلة وأوقعوا مع أيتمش واقعة عظيمة من طلوع الفجر إلى بعد الظهر.

ثم أن الأتابكي أيتمش نادى للعوام بأن كل من أمسك مملوكا من مماليك الظاهر برقوق يأخذ عريه وفرسه. فلما سمع المماليك الذين كانوا مع أيتمش هذه المناداة تسحبوا من عنده وقالوا: "نحن نقاتل معه وهو يريد مسك خشداشيننا! .. ".

فطلعوا إلى القلعة فلم يبق مع أيتمش إلا بعض مماليك صغار، فلما تلاشى أمره فل الأمراء الذين كانوا عنده، فلم تكن إلا ساعة يسيرة وقد انكسر الأتابكي أيتمش وهرب نحو قبة النصر. وقد قتل في هذه الواقعة بعض أمراء وجرح منهم جماعة وقتل جماعة كثيرة من المماليك الذين كانوا معه.

ولما انكسر أيتمش ومن كان معه من الأمراء نهب العوام بيوتهم وأخذوا كل ما فيها حتى الرخام والأبواب، ثم نهبوا مدرسة أيتمش التي عند باب الوزير، وأحرقوا ربعه المجاور للمدرسة، ثم حفروا قبر أولاده وقد ظنوا أن فيه مالا فما لقوا فيه شيئا غير العظام، ونهبوا آق سنقر المجاور لبيت أيتمش، ونهبوا قبة خولد زهرة بنت الملك الناصر محمد بن قلاون المجاورة لبيت أيتمش، ونهبوا وكالة أيتمش التي عند مدرسته، ونهبوا مدرسة السلطان حسن وأحرقوا بابها لكون أيتمش كان يحاصر القلعة منها ثم نهبوا بيوت الأمراء الذين ركبوا مع أيتمش … واستمر النهب في المدينة يومين.

ثم أن الزعر زاد أمرهم حتى كسروا باب حبس الرحبة وأطلقوا من كان به من المحابيس. وصارت المدينة مائجة ليس بها حاكم ولا وال ولا حاجب، والسلطان صغير ليس له حرمة ولا كلمة، واضطربت الأحوال، ولولا لطف الله تعالى بالناس لنهبوا القاهرة عن آخرها في هذه الحركة.

ثم جاءت الأخبار بأن الأتابكي أيتمش، ومن معه من الأمراء، لما انكسروا توجهوا إلى نحو باب الشام، فلما وصلوا إلى هناك تلقاهم تنم نائب الشام وأنزلهم بالقصر الأبلق الذي بالميدان، ومد لهم سماطا عظيما، وأنعم عليهم بكسوة وخيول ومال، ورتب لهم في كل يوم

<<  <  ج: ص:  >  >>