للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم في يوم السبت الحادي والعشرين من شهر رمضان حضر إلى القاهرة المقر السعدي سعد الدين بن غراب وصحبته حريم السلطان الملك الناصر، وأخبر بأن السلطان قد وصل إلى الصالحية، ولما حضر ابن غراب أشيع بين الناس أن الأمير علاء الدين بن الطبلاوي لما قدم على السلطان بدمشق قيده وأرسله هو والقاضي ناصر الدين بن أبي الطيب كاتب سر الشام صحبة ابن غراب، فلما وصل إلى غزة أرسل السلطان بقتل علاء الدين بن الطبلاوي فمات مخنوقا بغزة ودفن هناك، وقد قاسى شدائد عظيمة في أيام الملك الظاهر برقوق وفي أيام ابنه فرج، وآخر الأمر مات قتيلا بعد ما قاساه، فكان كما قيل:

ترجو الوليد وقد أعياك والده … فما رجاؤك بعد الوالد الولدا

ثم وقعت شفاعة من الأمراء في القاضي ناصر الدين بن أبي الطيب كاتب سر الشام بعد ما كان قد رسم بقتله، فعفا عنه من القتل وحضر صحبة ابن غراب إلى مصر.

ولما كان يوم الجمعة سادس عشرى شهر رمضان وصل السلطان إلى الديار المصرية، ودخلها في موكب عظيم، وزينت له القاهرة، فلم يطلع إلا من بين الترب فدقت له البشائر، وفرشت له الشقق الحرير من عند تربة طيبغا الطويل إلى رأس الصوة، وحملت القبة والطير على راسه، وكان له يوم مشهود حتى طلع إلى القلعة وجلس على سرير الملك، ثم عمل الموكب وأنعم بتقادم ألوف على جماعة من الأمراء منهم: قطلوبغا الكركي، وأقباي الاينالي، وجركس القاسمي، وجكم العوضي، ثم خلع على الأمير مقبل واستقر به زماما، وخلع على الأمير صواب الجنكلي واستقر به مقدم المماليك السلطانية، وخلع على فارس الدين شاهين الحلبي واستقر به نائب مقدم المماليك.

وفيها، في يوم الثلاثاء رابع عشر شوال، جاءت الأخبار من بلاد الصعيد بأن الناصري محمد بن عمر الهواري كبس على الأمير يلبغا الأحمدي فمسك جماعة من أصحابه وغلمانه وهرب يلبغا الأحمدي. وكان سبب ذلك أن يلبغا الأحمدي لما سافر السلطان صار يرمي الفتن بين الأمراء الذين كانوا بمصر حتى افتتنوا في بعضهم ووثبوا على بعضهم، فقصد نائب الغيبة بأن يقبض على يلبغا الأحمدي فهرب وتوجه إلى نحو بلاد الصعيد فلما أراد محمد بن عمر الهواري أن يقبض على يلبغا هرب فتبعوه فنزل عن فرسه ورمى نفسه في البحر فغرق، ثم بعد أيام طلعوا به وقد أكل السمك وجهه فدفنوه ومضى أمره بعد ما أخرب بلاد الصعيد ونهب أموال الناس.

وفيها، في ثاني ذي القعدة، حضر مملوك نائب حلب وأخبر بأن القان أحمد بن أويس صاحب بغداد، وقرا يوسف أمير التركمان، حضر إليهم جاليش تمرلنك فأوقعوا معهم

<<  <  ج: ص:  >  >>