يوم في فتن، واضطربت أحوال الديار المصرية، وتخبطت البلاد الشرقية والغربية، وكثرت المناسر في القاهرة حتى صار في كل حارة مركز يغفرونها في الليل من الحرامية، وصاروا يخطفون العمائم في الحارات الظهر.
ثم جاءت الأخبار من دمشق بأن السلطان لما قام من دمشق بعد هذه النصرة خلع هناك على من يذكر من الأمراء وهم: المقر السيفي سودون قريب السلطان واستقر به نائب الشام عوضا عن تنم الحسنى، وخلع على المقر السيفي دمرداش المحمدي ونقله من نيابة حماه إلى نيابة حلب، وخلع على المقر السيفي شيخ المحمودي واستقر به نائب طرابلس، وخلع على الأمير دقماق المحمدي واستقر به نائب حماه عوضا عن دمرداش المحمدي، وخلع على الأمير الطنبغا العثماني واستقر به نائب صفد على عادته، وخلع على الأمير جنتمر التركماني واستقر به نائب بعلبك.
ثم ولى جماعة من القضاة بدمشق منهم: القاضي تقي الدين ابن المكفري الحنفي، وولى القاضي شمس الدين النابلسي الحنبلي.
ثم جاءت الأخبار من دمشق بأن السلطان قتل جماعة من الأمراء وهم: الأتابكي أيتمش البجاسي، والأمير فارس حاجب الحجاب، والأمير أقبغا اللكاش نائب غزة، والأمير جلبان الكمشبغاوي، والأمير بيقجا طيفور حاجب الحجاب بدمشق، والأمير أرغون شاه الأقبغاوي، والأمير يعقوب شاه الكمشبغاوي، والأمير بيقوت اليحياوي، والأمير مبارك شاه المعروف بالمجنون، والأمير بهادر العثماني نائب البيرة، وغير ذلك جماعة كثيرة من أمراء مصر والشام … فكان عدة من قتل في هذه الحركة نحو أربعة عشر أميرا، فذبحوا الجميع ببرج الحمام بقلعة دمشق.
ثم أن السلطان أرسل رأس الأتابكي أيتمش البجاسي ورأس الأمير فارس حاجب الحجاب إلى القاهرة في علبة، فطافوا بهما في القاهرة، ثم علقوهما على باب زويلة.
ثم جاءت الأخبار بأن السلطان قد خنق تنم نائب الشام، والأمير يونس نائب طرابلس، قيل إنما أخر تنم نائب الشام بعد قتل الأمراء ليستصفي أمواله ويقرره على الأموال التي أخذها من البلاد لما أظهر العصيان، ولعبت به الدنيا ثم رمته وتخلت عنه. فكان كما قيل في المعنى:
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت … له عن عدو في ثاب صديق
ولما كان يوم الاثنين ثامن شهر رمضان، حضر خاصكي وأخبر بأن السلطان خرج من دمشق وهو قاصد نحو الديار المصرية.