العقل، مقداما في الحرب وله مكايد وحيل وثبات وقت التقاء الجيوش حتى ضرب به المثل، فكان يقال: نعوذ بالله من ثبات شيخ، ومن حطمة نوروز الحافظي.
وكان المؤيد كريما على من يستحق الكرم، وشحيحا على من يستحق الشح، وكان يضع الشيء في محله. وهو الذي مهد البلاد الشامية والحلبية، وقطع جدر تلك النواب العصاة الذين أخربوا غالب البلاد الشامية، وكان يميل إلى اللهو والطرب، ويستعمل الراح ويميل إلى الملاح، وكان يستعمل الأشياء المخدرة من المصطلات. وكان يقرب أرباب الفنون. وكانت أرباب الفنون تتباهى في أيامه في فنونهم لجودة فهمه وحسن معرفته.
وكان يغني من فن الموسيقى ويركز الفن وينظم الشعر. ومن نظمه الرقيق قوله من قصيدة:
فتنتنا سوالف وخدود … وعيون نواعس وقدود
أسرتنا الظبا وهن نعاس … وخضعنا لها ونحن الأسود
ولم يزل يركز هذه الأبيات إلى الاستشهاد باسمه فقال:
وأنا الخاصكي شيخ المؤيد … نظم شعري جواره وعقود
وله أشياء كثيرة من الفن دائرة بين المغنين إلى الآن.
وكان منقادا إلى الشريعة ويحب أهل العلم ويقرب الفقهاء والصلحاء ويبرهم ويحب فعل الخير، وله أوقاف كثيرة على جهات بر وصدقة. ولكن ذكر له المقريزي أشياء كثيرة من المساوئ، منها أنه كان جهوري الصوت، سفيها في كلامه. وكان غير مقبول الشكل، واسع العينين، كبير الكرش، درى اللون، أكث اللحية، معتدل القامة، متركن الوجه، كبير الأنف. وكان سفاكا للدماء، قتل جماعة كثيرة من النواب والأمراء. وكان إذا ظفر بأحد من أعدائه لا يرحمه. وكان كثير المصادرات للرعية. وأحدث في أيامه أشياء كثيرة من أبواب المظالم لما كان يخرج إلى التجاريد.
وأما ما أنشأه من العمائر بالديار المصرية فهو الجامع الكبير الذي هو داخل باب زويلة، وعمر الجامع الذي في رأس الصوة مكان المدرسة الأشرفية التي هدمها الملك الناصر فرج بن برقوق، وعمر الجامع الذي عند المقياس، وعمر الخلاوي والمئذنة التي في المدرسة الخروبية التي في بر الجيزة، وجدد عمارة القبة التي في قاعة البحرة، وجدد عمارة التاج والسبعة وجوه التي كانت بالقرب من الكوم الأبيض، ولكن هدم ودرست