ولم يدخلوه السجن إلا مخافة … من العين أن تطرأ على ذلك الحسن
وقلنا له شاركت في الاسم يوسفا … فشاركه أيضا في الدخول إلى السجن
واستمر الملك العزيز في السجن مدة دولة الملك الظاهر جقمق كلها. فلما كانت دولة الملك الأشرف اينال رسم للملك العزيز بالافراج، وأن يسكن في بعض دور الحرم بثغر الاسكندرية، وأن يركب إلى الجامع وقت صلاة الجمعة. واستمر على ذلك إلى دولة الملك الظاهر خشقدم، فتوفي بثغر الاسكندرية كما سيأتي ذكر ذلك في موضعه.
ومن هنا نرجع إلى أخبار دولة الملك الظاهر جقمق، فانه لما رجع العسكر الذي كان قد توجه إلى البلاد الشامية، وحضر صحبة العسكر المقر السيفي قرقماس الشعباني فوجد الملك العزيز قد تسلطن، وكان قرقماس في نفسه من السلطنة شيء، فلما تسلطن جقمق جعله أميرا كبيرا فاستمر على ذلك أياما ثم لعب الاكرة مع السلطان، فقصد الأتابكي قرقماس أن يقبض على السلطان وهو يلعب الاكرة، فدنا منه وأراد أن يقبض عليه وهو راكب على الفرس، فانجذب منه السلطان وساق إلى الدهيشة.
فلما انقضت الأكرة ونزل الأمراء إلى بيوتهم لبس الأتابكي قرقماس آلة الحرب وطلع إلى الرميلة، فالتفت عليه جماعة من الأمراء والمماليك السلطانية، ولكن كان أكثر الأمراء والعسكر مع الملك الظاهر جقمق. فلما ركب قرقماس وطلع إلى الرميلة وقف بسوق الخيل، فنزل السلطان إلى باب السلسلة وجلس في المقعد المطل على الرميلة.
فلما تسامعت الأمراء الذين من عصبة السلطان طلع إلى الرميلة تسعة أمراء مقدمون منهم الأمير بيبغا الطيار، والأمير تمرباي، والامير قراقجا الحسنى، والأمير يشبك السودوني، والأمير تمراز القرمشي، والأمير ثغرى بردي المؤذي، وغير ذلك من الأمراء المقدمين وغيرهم، فأوقعوا مع قرقماس واقعة قوية، فلم تكن إلا ساعة يسيرة وقد كسر الأتابكي قرقماس وهرب واختفى في غيطه الذي عند الجزيرة الوسطى. وسبب ذلك أن مملوكا يسمى بلبان كان في باب السلسلة، فحرر على قرقماس وضربه بسهم نشاب فجاء في يده فخرفها من وسط كفه، فتألم لذلك قرقماس وهرب من وقته وانكسر. فلما بلغ ذلك السلطان أنعم على بلبان المذكور باقطاع ثقيل وجعله خاصكيا.
ثم أن قرقماس أقام في غيطه ثلاثة أيام وأرسل يطلب من السلطان الأمان، فأرسل إليه بعض الأمراء، فطلع به إلى القلعة، فقيده السلطان وأرسله إلى السجن بثغر الاسكندرية، وخمدت الفتنة ولم ينل قرقماس مقصوده، فكان كما قيل في المعنى: