بويع بالسلطنة بعد خلع الملك المنصور عثمان ابن الملك الظاهر جقمق، وذلك يوم الاثنين ثامن ربيع الأول سنة سبع وخمسين وثمانمائة، وتلقب بالملك الأشرف.
وقد تقدم أن جماعة من الأشرفية والمؤيدية والمماليك السيفية، لما وثبوا على الملك المنصور، توجهوا إلى بيت أتابكي اينال وأركبوه غصبا وأتوا به إلى حدرة البقر في بيت قوصون فجلس به، وأرسل خلف أمير المؤمنين حمزة، فلما حضر قام في سلطنة الأتابكي اينال غاية القيام، وخلع الملك المنصور من السلطنة قبل أن ينكسر، وبايع الأتابكي اينال، ونودى باسمه في القاهرة. واستمرت الحرب ثائرة بينهم سبعة أيام، وقتل في هذه المدة من الناس ما لا يحصى، وآخر الأمر انكسر الملك المنصور وملك اينال باب السلطنة.
فلما استقر بباب السلسلة بعث جماعة من الأشرفية قبضوا على الملك المنصور وقيدوه وأدخلوه البحرة، وقبضوا على جماعة من الظاهرية فبات ليلة الاثنين في باب السلسلة.
فلما كان يوم الاثنين أحضر إليه شعار الملك، وأفيض عليه، وقدمت له فرس النوبة فركب من سلم الحراقة، وحملت القبة والطير على رأسه وولده الشهابي أحمد، ومشت قدامه الأمراء حتى طلع من باب سر القصر الكبير وجلس على سرير الملك، وباس له الأمراء الأرض، ودقت له البشائر بالقلعة، ونودى باسمه في القاهرة، وارتفعت الأصوات بالدعاء له من الخاص والعام.
وكان أصل الملك الأشرف اينال جركسي الجنس جلبه الخواجا علاء الدين علي فاشتراه منه الملك الظاهر برقوق وصار من جملة مماليكه. فلما توفى الملك الظاهر برقوق وتولى بعده ابنه الناصر فرج أعتقه وأخرج له خيلا وقماشا وبقي جمدارا، ثم بقي أمير عشرة في دولة الملك المظفر أحمد ابن المؤيد شيخ، ثم بقي أمير طبلخاناه رأس نوبة ثاني في دولة الملك الأشرف برسباي، ثم بقي نائب غزة مع الأشرف برسباي. ولما توجه إلى آمد جعله نائب الرها، وذلك في سنة ست وثلاثين وثمانمائة. ثم أحضره الأشرف برسباي إلى القاهرة وأنعم عليه بتقدمة ألف - واستمرت نيابة الرها بيده زيادة عن التقدمة - ثم نقله الأشرف إلى نيابة صفد وخرج إليها في سنة أربعين وثمانمائة، واستمر بصفد إلى دولة الظاهر جقمق، فبعث خلفه. فلما أحضره قرره في تقدمة ثغرى بردى المؤذى.
فلما توفى الأتابكي يشبك السودوني، وذلك في سنة تسع وأربعين وثمانمائة، واستمر على ذلك حتى توفى الظاهر جقمق وتولى ابنه الملك المنصور عثمان، فوثب عليه العسكر وتوجهوا إلى بيت الأتابكي اينال فأركبوه غصبا وأقام الحرب ثائرة بينهما سبعة أيام، فلما انكسر المنصور وقع الاتفاق على سلطنته فسلطنوه، وتلقب بالملك الأشرف.