الخوندات، فأمر السلطان ببيعه في كل يوم ثلاثاء، فأقاموا نحوا من شهر وهم يبيعون في ذلك الموجود.
وفيه نزل السلطان من القلعة وتوجه نحو القرافة وعاد سريعا، وهذا أول ركوبه في السلطنة … وكان آخر ركوبه.
وفيه أمطرت السماء بردا كبارا كل حصوة قدر بيضه الحمامة، وكان غالب ذلك ببلاد الشرقية، وتلف بها أكثر الزرع وهلك بها بعض بهائم.
وفيه توفي الأمير فيروز الزمام الخازندار الكبير، وكان أصله من خدام فيروز الحافظي. وكان رئيسا حشما، وولى عدة وظائف منها الزمامية والخازندارية الكبرى وغير ذلك من الوظائف، وكان سيئ الأخلاق حاد المزاج، وكان في سعة من المال، ووجد له من الأصناف والمال ما يزيد على مائة ألف دينار، قيل ابتيع له حاصل فيه فحم بألف دينار. ومات وله من العمر ما يزيد على ثمانين سنة، ولم يجئ بعده مثله من الخدام.
*****
وفي رمضان أشيع بين الناس أن السلطان عول على إمساك جماعة من الأمراء الأشرفية، ثم أنه أمر نقيب الجيش بأن يدور على الأمراء ويأمرهم بالصعود إلى القلعة وما عرف السبب لذلك، فأخذوا حذرهم وباتوا على وجل، ولم يطلع إليه أحد.
فلما كان ليلة السبت سابع عشر رمضان وثب جماعة من المماليك الأشرفية والظاهرية، واستمالوا معهم غالب المماليك الاينالية، ولعبوا بهم وأفسدوا عقولهم، وضحكوا عليهم، فلبسوا آلة الحرب وطلعوا إلى الرميلة، فلما عظم الأمر نزل السلطان إلى باب السلسلة وجلس بالمقعد المطل على الرميلة، فاشتد الحر في ذلك اليوم، واستمروا على ذلك حتى حال بينهما الليل.
فلما أصبح يوم الأحد ثامن عشر رمضان نزل السلطان إلى المقعد المطل على الرميلة وثبت للقتال، فلما رأى مماليك أبيه قد وثبوا عليه تحقق أنه مكسور لا محالة، فكان كما قيل:
كنت من كربتي أفر إليهم … فهمو كربتي فأين المفر؟
ثم كانت الكسرة على أحمد، فطلع من باب السلسلة وتوجه إلى قاعة البحرة، ثم طلب أخاه الناصري محمدا وأمرهم أن يغلقوا عليهما الباب. فلما بلغ العسكر أن الملك المؤيد قد اختفى توجهوا إلى بيت الأتابكي خشقدم، فأركبوه غصبا حتى طلعوا إلى باب السلسلة.