للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العادة. ثم أن السلطان خلع على الخليفة والقضاة الأربعة ونزلوا من القلعة في موكب حافل.

وفيه ثارت عربان لبيد، ووصلوا إلى البحيرة، وشنوا بها الغارات، ونهبوا الغلال. فلما بلغ السلطان ذلك بادر وأرسل خلفهم تجريدة ولم يرسل من المماليك الجلبان أحدا، فعز ذلك على المماليك القرانصة وأضمروا له السوء.

*****

وفي رجب ظهر في القاهرة وضواحيها الأمن والعدل والرخاء، وأحب الرعية السلطان حبا شديدا، ومالت إليه النفوس قاطبة كما قيل:

دولته للأنام عيد … باق وأيامه مواسم

قد أظهر العدل في الرعايا … وأبطل الجور والمظالم

وصير الشاة في حماه … تمشي مع الذئب والضياغم

لو نطقت مصرنا لقالت … يا ملك العصر والأقالم

ملا قلب الملوك رعبا … أغنى عن السمر والصوارم

وفيه هجم المنسر على المتفرجين بجزيرة بولاق، وكان في الظلمة نصف الليل، فنهبوا من الناس شيئا كثيرا، وكان الناس قد خرجوا عن الحد في الفتك والقصف بسبب الفرجة، ونصبوا هناك الخيام حتى سدوا رؤية البحر، وصاروا يقيمون في الرمل ليلا ونهارا من نساء ورجال وهم في غاية التزخرف، فهجم عليهم المنسر على حين غفلة ونهب ما قدر عليه، ولم ينتطح في ذلك شاتان.

وفيه قدم الأشرفي الذي كان دوادارا ثانيا بمصر ونفى في دولة الأشرف اينال، فلما مات اينال قدم إلى القاهرة من غير اذن السلطان. فلما حضر نزل عند الأتابكي خشقدم.

فلما بلغ السلطان ذلك شق عليه وأمر بإخراجه من حيث جاء، فخرج من يومه، وأمر بسجنه، فشفع فيه بعض الأمراء، فأنعم عليه السلطان بتقدمة ألف بدمشق، وألبسه كاملية سمور، وخرج من مصر سريعا، فشق ذلك على جماعة الأشرفية، وكثر القيل والقال بين الناس، ولهجوا بوقوع فتنة عن قريب.

وفيه وصل الطواشي شاهين غزالي الذي توجه إلى دمشق لضبط تركة زوجة قاني بك الحمزاوي نائب الشام. واشتملت تركتها على أشياء غريبة من تحف ومعادن نفيسة وأقمشة مثمنة وأواني فضة وبلور مما لا يسمع بمثله، فكان هذا الموجود اعظم من موجود

<<  <  ج: ص:  >  >>