وقرره في الدوادارية الكبرى عوضا عن خير بك. ولما حضر قرقماس الجلب من دمياط خلع عليه وقرره في أمرية مجلس عوضا عن ابن العيني، وكان قرقماس الجلب لما نفى إلى الاسكندرية أمير سلاح فنزل درجة إلى أسفل. وقرر في الدوادارية الثانية قان بردى الابراهيمي الاينالي، عوضا عن كسباي الخشقدمي وقرر في ولاية القاهرة قاني باي الحسني الاينالي، عوضا عن اصباي البواب الخشقدمي. وأنعم على قراجا الطويل الاينالي بتقدمة ألف. ثم أن بعض الأمراء شفع في الناصري محمد ابن الأتابكي جرباش كرت - وكان مقيما بدمياط من حين نفاه الظاهر خشقدم في واقعة يرش مملوك جاني بك نائب جدة وقد تقدم ذكر ذلك - فلما حضر خلع عليه كاملية بسمور ونزل إلى داره.
وفيه أخذ السلطان في أسباب تعيين تجريدة إلى شاه سوار بن دلغادر - وقد تقدم ما وقع منه في أيام الظاهر خشقدم - وقد قويت شوكته والتف عليه عسكر ثقيل من التركمان وغيرهم، وقد أظهر العصيان والمخامرة، فخشي السلطان من أمره وأراد أن يأخذ أموره بالقوة. وكان يمكنه أن يرسل إلى سوار خلعة وهدية وتخمد هذه الفتنة، فلم يوافق على ذلك، وأخذ الأشياء بالعترسة، فعين له تجريدة ثقيلة وعين بها الأمير قلقسير الأتابكي، وبرد بك هجين أمير سلاح، ونانق رأس نوبة النوب، وثمر حاجب الحجاب، وعدة أمراء طبلخانات وعشراوات، وعدة وافرة من الجند - والغالب فيهم من المماليك الخشقدمية - وجعل السلطان ذلك عوضا عن نفيهم.
وفيه عمل السلطان الموكب، وخلع على من يذكر من الأمراء وهم: جاني بك الفقيه الظاهري وقرره في الأمير اخورية الكبرى عوضا عن بردبك هجين، وقرر في الأمير اخورية الثانية يشبك حسن عوضا عن جاني بك الفقيه بحكم انتقاله، وقرر في حسبة القاهرة قانصوه الخفيف تاجر المماليك وأنعم عليه بامرية عشرة.
وفيه رسم السلطان باخراج خير بك الذي تسلطن - وقد سمته العوام "سلطان ليلة" - فخرج تحت الليل وهو مقيد راكب فرسا والأوجاقي يردفه على جاري العادة. فلما وصل إلى شاطئ البحر نزل في الحراقة وانحدر حتى وصل إلى ثغر اسكندرية فسجن بها، ورجع من كان معه من الاينالية.
وبه زالت دولة الخشقدمية كأنها لم تكن … فسبحان من لا يزول ملكه ولا يتغير.
وفيه نودى من قبل السلطان بابطال المشاهرة التي تتعلق بالمحتسب - وهي نحو ألف دينار في كل شهر - فبطل ذلك مدة يسيرة ثم عاد بعد ذلك كل شيء على عادته.