للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاد ابن عمر، ثم خلع على شيخ العرب صقر وقرره في مشيخة عربان البحيرة، ثم عزل خشقدم، كاشف البحيرة، وولاها لمحمد الصغير، فلما وردت أخبار كسرة العسكر على يد سوار اشتغل السلطان بذلك عن كل شيء، ودهمته هذه الأمور الشنيعة عن التجاريد التي عينها.

وفيه ابتدأ السلطان بوقوع المساوي منه، فأخرج قرية انبابه عن الخليفة المستنجد بالله يوسف، وكانت بيده من حين تسلطن المؤيد أحمد ابن الأشرف اينال، وكان أقطعها له لما تسلطن فأخرجها السلطان عنه باسم جانى بك حبيب. ثم بعد مدة يسيرة أخرج عنه جزيرة ابن الصابوني وأقطعها لبعض مماليكه … فعد ذلك من مساويه.

وفيه وصل قانصوه الجيلالي الحاجب بدمشق وعلى يده مكاتيب أزبك نائب الشام يخبر فيها بكسر العسكر ودخولهم إلى حلب وهم في أسوأ حال، وأن أزبك نائب الشام دخل إلى حلب وهو مجروح في وجهه، وليس له برك ولا قماش ولا مماليك، ودخل نائب حلب ونائب طرابلس على هذا الوجه ودخل غالب العسكر عرايا مشاة. وكانت هذه الواقعة في يوم الاثنين سابق ذي القعدة من السنة المذكورة. فلما وردت هذه الأخبار ماجت القاهرة وحار السلطان في أمره، وما يظن أن سوارا يقوى على العسكر لكثرته.

وفيه جاءت الأخبار عقيب ذلك بأن سوارا سجن الأتابكي جاني بك قلقسير في جب، وأن عسكر سوار قد قوى بما نهبه من العسكر من خيول وسلاح وبرك، وقد عزم سوار بأن يزحف على حلب فلما تحقق السلطان ذلك أمر بعقد مجلس بالقلعة، فحضر الخليفة المستنجد بالله يوسف والقضاة الأربعة - وهم ولي الدين الأسيوطي الشافعي، ومحب الدين بن الشحنة الحنفي، وحسام الدين بن حريز المالكي، وعز الدين الحنبلي - وحضر شيخ الإسلام أمين الدين يحيى الاقصرائي ومشايخ من العلماء، وحضر سائر الأمراء، وكان هذا المجلس بالحوش السلطاني. فلما تكامل المجلس قام القاضي كاتب السر أبو بكر بن مزهر، وتكلم عن لسان السلطان، ووجه الخطاب إلى الخليفة والقضاة ومشايخ العلم بما معناه من كلام طويل بأن بيت المال مشحوت من المال، وأن سوار الباغي قد استطال على البلاد وقتل العباد، ولا بد من خروج تجريدة عسكر لتحمي بلاد السلطان، وأن العسكر يحتاج إلى نفقة، وليس في بيت المال شيء، وأن كثيرا من الناس معهم زيادة في أرزاقهم ووظائفهم، وأن الأوقاف قد كثرت على الجوامع والمساجد، وأن قصد السلطان يبقى لهم ما يقوم بالشعائر فقط ويدخل الفائض إلى الذخيرة … فمال الخليفة وقضاة الجاه إلى شيء من معنى الاجابة إلى ذلك. فبينما هم على ذلك اذ حضر شيخ الإسلام أمين

<<  <  ج: ص:  >  >>