للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي صفر توفي الطواشي جوهر النوروزي الحبشي، مقدم المماليك، ثم الزمام. وكان دينا خيرا، وأصله من خدام الخواجا شمس الدين بن المزلق، ثم وهبه لابنته زوجة نوروز الحافظي، فنسب إليه.

وفيه توفي شرف الدين موسى بن كاتب غريب، وهو موسى بن يوسف القبطي

وكان مولده سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وكان غير مشكور السيرة، وعنده عسف وظلم؛ فمات والناس عنه غير راضين.

وفيه شرع الأمير يشبك الدوادار في أمر توسيع الطرقات والشوارع والأزقة. فأمر القاضي فتح الدين السوهادي، أحد نواب الشافعية، بأن يحكم بهدم ما وضع في الشوارع والأسواق بغير طريق شرعي، من أبنية وربوع وحوانيت، وسقايف ورواشن ومساطب، ونحو ذلك.

واستمر الحال في أمر الهدم، حتى دخلت سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة، فحصل بذلك بعض نفع في توسعة الطرقات، ولكن حصل غاية الضرر لجماعة من الناس بسبب هدم ربوعهم وحوانيتهم. وهدم لخوند شقرا، ابنة الملك الناصر فرج، ثلاثة ربوع في الموازنيين: أحدها كان لجامع الصالح خارج باب زويلة، فاضطربت أحوال القاهرة، وكثر الهدم في الأماكن - ولا سيما المطلة على الشوارع - وحصل للقاضي فتح الدين السوهاجي غاية المقت بين الناس بسبب حكمه بهدم الأماكن. وفي هذه الواقعة يقول الشهاب المنصوري:

تكشف عن محيا مصر الأستار … وخف عنها من الأثقال أوزار

واهتزت الأرض منها بهجة ورنت … ولاح فيها أضاءات وأنوار

كانت كصبح تعالت فوقه ظلم … شتر، فجاء لها بالنور أسفار

كانت كشمس تغشاها الغمام ضحى … فمزقته من الأرياح أعصار

فاليوم أعطافها بالبشر مائسة … وقدها في حلى السعد خطار

وكانت الطرق قد شابت مفارقها … والشيب إن شان ما في أخذه عار

<<  <  ج: ص:  >  >>