للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي جمادي الأولى عرض السلطان جماعة من أولاد الناس، وقرر منهم من اختاره في وظائف مثل طبردارية وجمدارية، وغير ذلك.

وفيه خلع السلطان علي شمس الدين بن القوصوني، وقرره في رياسة الطب، عوضا عن ابن العفيف.

وكانت انتهت عمارة قاعات الأزبكية، التي أنشأها الأتابكي أزبك، فعزم على السلطان هناك فنزل إليه وبات عنده فأضافه ضيافة حافلة. ثم قدم له تقادم هائلة فشكره على ذلك، ولم يقبل منها شيئا. فلما أصبح توجه هو والأمير يشبك الدوادار إلى جهة المطرية، فأضافه هناك الأمير يشبك في القبة التي أنشأها هناك. فأقام عنده يوما وليلة، وانشرح هناك إلى الغاية، وشكر عمارة الأمير يشبك على عمارة الأتابكي أزبك. ثم طلع إلى القلعة، وبعث إليه الأمير يشبك تقادم حافلة، فقبل منها شيئا وردّ منها شيئا.

وفيه انتهت زيادة النيل إلى أصبع واحدة وعشرين ذراعا، وثبت إلى آخر بابة، وقد كسر الجسور وقطع الطرقات، وغرقت أراضي المنية، وكان نيلا عظيما.

وفيه خلع السلطان على قاضي القضاة محب الدين بن الشحنة، وقرره في مشيخة الخانقاه الشيخونية. عوضا عن الشيخ سيف الدين الحنفي، بحكم وفاته رحمه الله تعالى.

وكان ابن الشحنة منفصلا عن القضاء.

وفيه، في أثنائه، خرج السلطان على حين غفلة من العسكر، وتوجه إلى الصالحية. ثم بعد أيام أشيع بأن السلطان توجه من هناك إلى بلاد الشامية، فتعجب الناس من ذلك، وكان في نفر يسير من العسكر بحيث أنه كان معه من المماليك نحو من أربعين مملوكا من خواصه، وكان معه بعض أمراء عشراوات، وتاني قرا الدوادار الثاني وآخرون من الأمراء. وكان معه من المباشرين القاضي كاتب السر أبو بكر بن مزهر، وأبو البقاء ابن الجيعان، وشهاب الدين بن التاج الموقع. وبرهان الدين بن الكركي الإمام، وغير ذلك مما لا يحضرني أسماؤهم. وترك بالقاهرة الخليفة المستنجد بالله والقضاة الأربعة، والأتابكي أزبك ويشبك الدوادار، وسائر الأمراء المقدمين، والطبلخانات والعشراوات، وجميع العسكر قاطبة، لم يتبعه أحد منهم. فصار الناس في شك من سفره على هذا الوجه، ولم يتفق لأحد من السلاطين مثل هذه الواقعة.

*****

<<  <  ج: ص:  >  >>