الشامية، وتوعكه هناك، وقد تزايدت الأقوال بموته، وحصل بين الأمراء نقل كلام فيمن يلي من بعده السلطنة، وانكشف رخ جماعة من الإينالية في هذه الحركة ولم يعلم باطن الأمر في حقيقة ذلك. وصار السلطان ينفي كل قليل جماعة من الأينالية، ومن مماليكه، واستمر الأمر على ذلك. فلما خرج الحاج من القاهرة ورحل المحمل من بركة الحاج، نزل السلطان من القلعة في يوم الخميس ثالث عشرى شوال، ولم يشعر بسفره أحد من الناس.
وخرج على حين غفلة، فسافر معه بعض أمراء عشراوات، منهم يشبك الجمالي الزردكاش، وآخرون من الأمراء من أخصائه، وعدة وافرة من الخاصكية، والمماليك السلطانية، وجماعة من المباشرين، منهم أبو البقاء بن الجيعان، وغير ذلك من الأعيان، منهم برهان الدين الكركي الإمام. فخرج السلطان من بين الترب وسافر بعد صلاة الظهر.
فنزل معه الأتابكي أزبك، ويشبك الدوادار، فودعاه ورجعا من أثناء الطريق، فأوصاهما السلطان بحفظ الرعية. ثم سافر على ظهر البويب، ولم يتوجه معه أحد من الأمراء المقدمين، فعد سفره على هذا الوجه من النوادر.
*****
وفي ذي القعدة رسم الأمير يشبك الدوادار ليشبك بن حيدر وإلى القاهرة، بأن يتحدث في الحسبة، عوضا عن يشبك الجمالي بحكم سفره مع السلطان. وكان الأمير يشبك الدوادار هو المشار إليه في غيبة السلطان.
وفيه شرع الأمير يشبك في بناء القبة التي أنشأها في رأس دور الحسينية. وخرب عدة ترب كانت هناك. ثم أنشأ بهذا المكان غيطانا، ومجاري وسواقي، وقصد أن يجعله من جملة منتزهات القاهرة. ولو عاش لفعل ذلك فجاءت القبة من محاسن البناء في ذلك المكان.
*****
وفي ذي الحجة كان انتهاء عمارة الربع الذي أنشأه السلطان بحدرة الكبش. وكان الاشد على العمارة نافق المؤيدي أحد الأمراء العشراوات.
وفيه قدم مبشر الحاج، وهو شخص من الخاصكية يقال له أسنباي، وقد استمر اسمه بالمبشر بعد ذلك. فأخبر بسلامة السلطان وأنه دخل إلى مكة، في موكب حافل، وكان له يوم مشهود، ولاقاه أمير مكة من مسيرة يومين … وأنه تصدق على فقراء مكة بخمسة آلاف دينار، وتواضع تواضعا وخضوعا إلى الغاية. وكان بطول الطريق لا يتكلم في