الأمراء والقضاة الأربعة قدامه، فدخل من باب النصر، وشق من القاهرة، وقد زينت له زينة حافلة، واستمر في هذا الموكب العظيم. وطلب طلبا حافلا ولعبوا قدامه بالغواشي الذهب. وكان له يوم مشهود إلى أن طلع إلى القلعة … فلما طلع فرشت له خوند عدة شقق من باب القلعة إلى الحوش، ونثرت على رأسه خفائف الذهب والفضة، وتوشحت الخدام بالبنود الذهب والحرير والأصفر، وتحلقت بالزعفران. فلما دخل السلطان إلى الحوش، مد له هناك الأمير يشبك مدة حافلة أعظم من مدة الأتابكي أزبك التي مدها له بالقبة. ثم أن السلطان خلع على من كان معه من أرباب الوظائف، ونزلوا إلى بيوتهم، وانفض ذلك الموكب. وعدّت هذه الحجة من النوادر الغربية … ودخل عليه جملة تقادم من مال وتحف تعدل مائتي ألف دينار من أمير مكة المشرفة وقضاتها، ومن أمير الينبع وغير ذلك. وقد نظم الشعراء في هذه الواقعة عدة قصائد، فمن ذلك:
قدم السرور بمقدم السلطان … من حجه المقبول بالرضوان
سلطاننا الملك الهمام الأشرف الرا … قي سماء الحسن والإحسان
فهناؤنا ببقائه، في نعمة … وسلامة، فرض على الأعيان
ولقد علمنا أن طاعة أمره … أو نهيه دين من الإيمان
لما نوى حجا ولبى محرما … عم الأمان مراتع الغزلان
والوحش في أبياتها والدوح في … أنباتها والطير في الطيران
ثم الصلاة على النبي المصطفى … عدد الرمال بجملة الكثبان
فلما استقر السلطان بالقلعة، أخذ في أسباب تفرقة الهدية على الأمراء. فابتدأ بالأتابكي أزبك ثم بقية الأمراء كل من هو في منزلته. ثم المباشرين وأرباب الدولة. وكان الأمراء والمباشرون قدموا للسلطان أيضا تقادم حافلة، ما بين مال وخيول وقماش وغير ذلك.
وفيه دخل الحاج إلى القاهرة، وحمدت سيرة الصاحب خشقدم الزمام.
وفيه نزل السلطان وتوجه إلى القرافة فزار ورجع من جهة مصر العتيقة، وطلع من جهة قناطر السباع، وأتي إلى الكبش فكشق عن عمارته التي أنشأها هناك. ثم طلع إلى القلعة من جهة الصليبة وكشق عن عمارة سبيله الذي أنشأه بالرميلة. وكان الشاد على عمارته تاني بك قرا أحد المقدمين ثم طلع من باب السلسلة إلى القلعة.
وفيه جاءت الأخبار بوفاة قراجا الطويل الإينالي، الذي كان نائب حماه، ومات بطالا بالقدس، وكان لا بأس به.