وفيه خلع السلطان على شمس الدين محمد بن بدر الدين حسن بن المزلق الدمشقي، وقرر في قضاء الشافعية بدمشق، عوضا عن الشهابي أحمد ابن فرفور بحكم صرفه عنها.
وفيه كان فاء النيل المبارك، وقد أوفى في ثاني عشري مسرى، فلما أوفى توجه الأتابكي أزبك، وفتح السد على العادة، وكان يوما مشهودا.
وفيه قبض السلطان على محمد بن العظمة ناظر الأوقاف، وسلمه إلى خشقدم الزمام، وألزمه بمحاسبته.
*****
وفي شعبان خلع السلطان على شرف الدين عبد الباسط بن البقري، وقرره في نظر الأوقاف، عوضا عن ابن العظمة، بحكم صرفه عنها.
وفيه توفي جاني بك الشمسي، نائب الكرك، وكان لا بأس به.
وفيه توفي القاضي ولي الدين بركات بن الجيعان، وهو أبو البركات أحمد بن يحيى بن شاكر القاهري الشافعي. وكان لا بأس به، رئيسا حشما عارفا بأحوال المملكة. تولى نيابة كتابة السر، وصار من أخصاء السلطان، وترشح أمره لكتابة السر، وهرعت الناس إلى بابه، ومات وهو شاب في عشر الثلاثين. وكان جميل الهيئة حسن الوجه، عاقلا بشوشا، وله بر ومعروف وصدقات كثيرة، وفيه يقول الشهاب المنصوري:
قال العواذل ما لمدحك قد غدا … يزداد في الحركات والسكنات
فأجبتهم: لا تعجلوا وتأملوا … ما زاد إلا وهو في بركات
فلما مات تأسف عليه السلطان، وقال:"لو كان يفدى بمال لفديته". وكان يتصرف في أشغال السلطان كما ينبغي. ولما توفي القاضي بركات قرر أخاه صلاح الدين في نيابة كتابة السر، عوضا عن أخيه بحكم وفاته.
وفيه هبط النيل سريعا، وقد ثبت على اثنتين وعشرين أصبعا من الذراع الثامن عشر، فشرق أكثر البلاد، وزاد سعر الغلال، ولا سيما القمح، وكان هذا سببا للغلوة التي وقعت في السنة الآتية.