وفيه توقف النيل عن الزيادة اثني عشر يوما متوالية إلى تاسع أبيب، فزاد قلق الناس بسبب ذلك ثم بعث الله بالزيادة واستمرت إلى أن وفى.
وفيه كان دخول قانصوه خمسمائة على بنت أزبك أمير كبير، فحمل الجهاز من الأزبكية إلى دار قانصوه خمسمائة التي بقناطر السباع، فلما شق من القاهرة كان له يوم مشهود، وكان الحمالون الذين يشيلون الأمتعة زيادة على أربعمائة حمال، وقيل صرف على هذا الجهاز نحو من مائتي ألف دينار. ولما كانت ليلة العرس علم بالأزبكية، وكان مهما حافلا، ثم أن قانصوه خمسمائة ركب من باب السلسلة، ومشت قدامه الأمراء المقدمون بالشاش الذي يلبس في الجمعة والأعياد، وكذلك الخاصكية، وبأيديهم الشموع إلى أن وصل إلى الأزبكية، وعد هذا الزفاف من النوادر الغريبة … لكن حصر للناس في تلك الليلة غاية الضرر من الجلبان، وخطفوا العمائم، وضربوا جماعة من الأمراء المقدمين، وخطفوا الشمع من أيدي الخاصكية، وما حصل تلكت الليلة منهم خير، وكادت أن تكون فتنة كبيرة.
وفيه رسم السلطان لكسباي المحتسب بأن تجمع له أعين التجار الذين بالأسواق. فلما عرضوا على السلطان قال لهم:"ساعدوني بشيء على خروج التجريدة". .. ثم فرض عليهم أربعين ألف دينار، فضجوا من ذلك وقالوا:"ما نقدر على هذا القدر". .. فما زال يحط عنهم من ذلك القدر والتجار يقولون ما نقدر على ذلك. فلما طال الأمر بينهم وبين السلطان تقرر الحال على أن يوردوا اثني عشر ألف دينار إذا خرجت التجريدة، وانفض المجلس على ذلك.
*****
وفي شعبان توفيت فاطمة بنت الجمالي يوسف ناظر الخاص التي كانت زوجة خاير بك سلطان ليلة، وكانت رئيسة حشمة لا بأس بها.
وفيه توفي الشيخ تاج الدين ابن قاضي القضاة سعد الدين الديري الحنفي، وكان تولى بعد أبيه مشيخة الجامع المؤيدي. وكان عالما فاضلا أخذ العلم عن أبيه، ومولده سنة خمس وثمانمائة.
وفيه كان وفاء النيل المبارك في ثاني عشر مسرى، وتوجه الأتابكي أزبك وفتح السد على العادة.