وهو الذي كان سببا لايقاف جماعة قاضي القضاة زين الدين زكريا الشافعي، واستمر الشيخ برهان الدين القلقشندي في التوكل به حتى مات بركات الصالحي، فأفرج عنه بعد أن غرم أموالا لها صورة.
وفيه كان انتهاء العمل من جامع السلطان الذي أنشأه بالروضة وجاء في غاية الحسن، وكان البدري حسن بن الطولوني معلم المعلمين يصنع في كل ليلة رابع عشر الشهر ليلة حافلة بالجامع، ويسمونها البدرية وينصب على شاطئ البحر قدام الجامع من الخيام ما لا يحصى، وتجتمع المراكب هناك حتى تسد البحر، ويجتمع الجم الغفير من العالم يوقد بالجامع وقدة عظيمة. ويحضر هناك قراء البلد قاطبة والوعاظ، وتكون ليلة حافلة لم يسمع بمثلها فيما تقدم. واستمر الحال على ذلك مدة ثم بطل هذا الأمر.
وفيه أشيع بين الناس أن الشيخ جلال الدين الأسيوطي أفتى بأنه لا يجوز البناء على ساحل الروضة. لأن الإجماع منعقد على منع البناء في شطوط الأنهار الجارية. وأما ذكر أن ذلك يجوز في مذهب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه ورحمه فباطل وليس له صحة في كتب الشافعية قاطبة.
وفيه خرج جان بلاط بن يشبك قاصدا من عند السلطان إلى ابن عثمان، فخرج في تجمل زائد وموكب حافل. وجان بلاط هذا هو الذي تولى السلطنة فيما بعد بعشر سنين.
*****
وفي شعبان قرر السلطان كرتباي بن مصطفى المعروف بالأحمر في حجوبية الحجاب بطرابلس، ونظر جيشها وغير ذلك من الوظائف بها.
وفيه ظهرت أعجوبة، وهي أنه ولد مولود لستة أشهر، فلما نظروا إليه وجدوا في وجهة لحية وعلى فمه شارب، وقد دارت لحيته في وجهه، وفي فمه أسنان مفلجة وكان عليه بشاعة، فعاش ثلاثة أيام ومات.
*****
وفي رمضان خلع السلطان علي يشبك بن حيدر الذي كان والي القاهرة وصار مقدم ألف، وقرره في نيابة حماه عوضا عن أينال الخسيف في تقدمة ألف بمصر فيما بعد.
وفيه تغير خاطر السلطان علي أزدمر المسرطن أحد مقدمي الألوف بمصر وقرره في نيابة صفد عوضا عن يلباي المؤيدي بحكم وفاته عنها. وكان أزدمر هذا من خواص السلطان، وكان عنده من المقربين وكان أغات أقبردي الدوادار، ثم وقع بينه وبين