السلطان في الباطن، فمقته وولاه نيابة صفد عوضا عن يلباي المؤيدي بحكم وفاته، واستمر بها إلى أن مات.
وفيه وقع الرخاء بالديار المصرية في سائر البضائع حتى بيع كل ثلاثة أرادب قمح بدينار، ورخص سائر الغلال جدا.
*****
وفي شوال ليلة عيد الفطر كان وفاء النيل المبارك فأخر السلطان فتح السد في ذلك اليوم، وفتح في اليوم الثاني من شوال. ووافق ذلك خامس عشر مسرى القبطي فصار العيد عيدين، فعد ذلك من النوادر. وفي هذه الواقعة يقول شيخنا جلال الدين الأسيوطي هذه الأبيات:
يوم عيد الفطر وافى … بهناء وسعادة
ختم الصوم وأوفى … النيل في أحسن عاده
يا له من يوم عيد … فيه حسني وزياده
وفيه خرج الحاج من القاهرة، وكان أمير ركب المحمل الأمير أزدمر تمساح.
*****
وفي ذي القعدة توفي تقي الدين بن نصر الله وكان رئيسا حشما من ذوي البيوت لا بأس به.
وفيه جاءت الأخبار من حلب بوقوع فتنة كبيرة بين نائب حلب وبين جماعة من أهلها، وقتل في هذه المعركة من مماليك أزدمر نائب حلب سبعة عشر مملوكا، وقتل من أهل حلب نحو من خمسين إنسانا، وأحرقوا جماعة من حاشية النائب بالنار، وكادت حلب أن تخرب عن آخرها، ولولا أن قانصوه الغوري حاجب الحجاب بحلب قام في اخماد هذه الفتنة حتى سكنت ما كان يحصل خير في هذه الحركة. فلما سمع السلطان بذلك تنكد جدا، وعين ماماي الخاصكي بأن يتوجه إلى حلب ليكشف عن هذه الفتنة، وأخذ في أسباب السفر إلى حلب.
*****
وفي ذي الحجة كان ابتداء الفتنة بين قانصوه خمسمائة أمير أخور كبير، وبين أقبردي الدوادار وقد وقع بينهما بسبب نوتي واستمرت الفتن تتزايد بينهما حتى كان من أمرهما ما سنذكره في موضعه.