الذي كان حاجب الحجاب، وقانم قريب السلطان أحد المقدمين بمصر، وجانم مصبغة. فلما ظهروا وطلعوا إلى القلعة، خلع عليهم السلطان كوامل بسمور، وذلك في يوم الثلاثاء سابع عشرى الشهر المذكور.
ثم رسم لهم السلطان بأن يتوجهوا إلى دار الأتابكي قانصوه خمسمائة التي بقناطر السباع، ويقبلوا يده. فتوجهوا إلى هناك، وقبلوا يد الأتابكي قانصوه خمسمائة، ورجعوا إلى بيوتهم. فلما كان آخر النهار من ذلك اليوم، أرسل الأتابكي قانصوه خلفهم وزعم أنه يضيفهم ويمد لهم مدة، فحضر إليه شاد بك الخوخ، وأينال الخسيف، وقانم قريب السلطان، ولم يحضر صحبتهم جانم مصبغة، وكان صاحب الرأي في في عدم حضوره. فلما اجتمعوا عند الأتابكي قانصوه طاولهم بالكلام، ثم أحضر لهم سفرة الشراب، فشربوا ولم يجلس معهم شاد بك. ثم فتحوا بينهم باب العتاب، واستمروا على ذلك حتى تنصف الليل … فلم يشعروا إلا وقد دخل عليهم مصرباي الثور والي القاهرة، فقبض على الثلاثة، وتوجه بهم إلى نحو الجزيرة الوسطى، فقيل: إنه أغرقهم هناك. وكان هذا آخر العهد بهم كما قيل في المعنى:
لما رأيت الغدر منهم بدا … والبغض من أعينهم لي يلوح
فقلت للقلب ارتجع عنهم … ما قصدهم منك سوى أخذ روح
فلما كان يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء ثامن عشريه، صلى الأتابكي قانصوه العشاء، وركب بمن معه من الأمراء والعسكر، وهجم وملك باب السلسلة - وكان قانصوه الألفي أمير آخور كبير، فلما أحوجه يدق باب السلسلة، ولا ينتظر الجواب.
فلما كان يوم الأربعاء صبيحة تلك الليلة جلس الأتابكي قانصوه خمسمائة في الحراقة التي بباب السلسلة، وأرسل خلف أمير المؤمنين المتوكل على الله عبد العزيز، فحضر وحضر القضاة الأربعة. واجتمع عنده أربعة عشر مقدم ألف، والعسكر قاطبة، من الأمراء والجند. فلما تكامل المجلس، مشوا مع الخليفة في خلع الملك الناصر وتولية قانصوه خمسمائة … فخلع الناصر من السلطنة بصورة شرعية، وكتب بذلك صورة محضر، وشهد فيه جماعة كثيرة، وبويع قانصوه خمسمائة بالسلطنة، وتلقب "بالأشرف أبي النصر" على لقب أستاذه الأشرف قايتباي. فلما تمت بيعته قبل له الأمراء الأرض والعسكر قاطبة، ونودي له في القاهرة، وارتفعت له الأصوات بالدعاء من الخاص والعام، وخلع على