وفيه توفي سيدي إبراهيم بن أبي الفضل بن أبي الوفاء، وكان شابا صالحا لا بأس به.
وفيه جاءت الأخبار من دمشق بوفاة تمربغا الترجمان، وكان من أهل العلم والفضل، وكان لا بأس به.
وفيه توفي شمس الدين محمد بن الخادم الحنفي، وكان من أهل العلم والفضل، وكان لا بأس به.
وفيه توقف النيل عن الزيادة في ليالي الوفاء، وكان كل أحد مشغولا بنفسه عن ذلك، والفتن قائمة.
وفيه في يوم الاثنين ثاني عشرى الشهر المذكور (الموافق لسابع عشرى مسري) وفي النيل المبارك وكسر في الثامن والعشرين من مسرى، وقد أبطأ عن ميعاده. فلما وفى شاوروا الأمير أقبردي في فتح السد، فبعث إليه والي القاهرة ليفتحه، فوجد الشيخ عبد القادر الدشطوطي ﵁، قد فتح جانبا منه قبل مجيء الوالي، ولم يتوجه أحد ليتفرج على فتح السد على جاري العادة، لكون القاهرة كانت في غاية الاضطراب من عدم الأمن، وفساد الأحوال، من هذه الشرور والفتن. فكان كما قيل:
أتطلب من زمانك ذا وفاء … وتنكر ذاك جهلا من بنيه
لقد عدم الوفاء به وإني … لأعجب من وفاء النيل فيه
فلم يقم النيل سوى أيام قلائل، وهبط بسرعة، وشرق غالب البلاد، وحصل بسبب ذلك الضرر الشامل.
ولما وقعت بمصر الفتن بين الأتراك، وقعت الفتن أيضا بين العربان، وأحرقوا القمح والشعير وهو في الجرون، ونهبوا عدة بلاد، فوقع الغلاء بالديار المصرية، وانتهى سعر القمح إلى ألف درهم كل أدرب، واستمر على ذلك مدة طويلة … وكانت الأحوال في تلك الأيام في غاية الفساد، واستمر الحرب ثابتا على ما ذكرناه من القتل، والنهب حاصل، والحصار ليلا ونهارا حاصل في القلعة.
وفيه، في يوم الجمعة سادس عشرى الشهر المذكور، تسحب من كان عند أقبردي الدوادار من العسكر جملة، ولم يبق معه سوى مماليكه وبعض مماليك السلطان والأمراء المقدمين. وكان الأمير جانم الإينالي، كاشف منفلوط وأحد المقدمين، قد جرح واختفى، ومات من ذلك ولم يشعر به أحد. ثم أن الأمير أقبردي اضطربت أحواله، وتشتت عنه