للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جماعته، بعد ما أكلوا عيشه، وأخذوا أضحيته وجامكيته، وصرف عليهم جامكية شهرين من ماله، ولم يراعوا له حق ذلك ولا أثمر فيهم ما فعله بهم … فكان كما قيل في المعنى:

لقاء أكثر من يلقاك أوزار … فلا تبالي أصدوا عنك أو زاروا

أخلاقهم حين تبلوهن أوعار … وفعلهم مأثم للمرء أو عار

لهم لديك إذا جاؤوك أوطار … إذا قضوها تنحوا عنك أو طاروا

وكان أحسن لغالبهم، وأنفق على بعضهم، وأرضاهم بكل ما يمكن، بعد ذلك بعضهم رماه وطلع إلى القلعة.

فلما كان وقت المغرب من ليلة السبت، نزل كرتباي الأحمر من القلعة، وصحبته جميع من كان بالقلعة. وكان خشكلدي البيسقي قد ظهر وطلع إلى القلعة، فنزل صحبة الأمراء ممن كان بالقلعة، والمماليك الكبار والصغار الذين كانوا بالطباق، فزحفوا زحفة واحدة وهجموا على جماعة أقبردي، فانكسروا وفروا، فهجموا على من كان بمدرسة السلطان حسن، وأحرقوا بابها، ودخلوا على من بالمدرسة من الأمراء، فأخرجوا كرتباي ابن عمة السلطان وهو مجروح جرحا بليغا، قتل منه وهو أمير آخور كبير. وهرب تاني بك قرا، فلم يظفروا به، وهرب من كان بمدرسة السلطان حسن من الأمراء والمماليك، فنهب الجلبان جميع ما كان بالمدرسة من طشتخانات الأمراء، ونهبوا بسط المدرسة، والقناديل، وقلعوا شبابيك القبة التي بالمدرسة، وأخذوا رخامها، وأحرقوا الربع الذي عند سوق الرميلة، بجوار بيته، وربع يشبك الدوادار، وربع خشكلدي البيسقي، وسبيل المؤمنين، وبعضا من بيوت الصوة، وغير ذلك.

فلما دخل الليل ركب أقبردي في نفر قليل من مماليكه، وطلع إلى الرميلة، فلم يطب طبه، واستمر على ذلك طول الليل. فلما أصبح يوم السبت سابع عشرى الشهر المذكور وهو ذو الحجة، انكسر أقبردي كسرة مهولة، ورجع إلى داره وأخذ بركة، وزردخانته، والطشتخاناه، وخرج من داره وعلى رأسه صنجق، وقدامه طبلان وزمران، ومماليكه حوله وهم لابسون آلة السلاح. وخرج صحبته من الأمراء تاني بك قرا أمير مجلس، وأقباي نائب غزة رأس نوبة كبير، وجانم مصبغة حاجب الحجاب، وقاني بك نائب الإسكندرية أحد المقدمين. ومن الأمراء الطبلخانات والعشراوات جماعة كثيرة نحو من عشرين أميرا، فمن جملتهم: أينال السلحدار المعروف بالصغير، ومن المماليك السلطانية

<<  <  ج: ص:  >  >>