للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه خلع السلطان على جان بلاط الغوري، وقرره في رأس نوبة كبير، عوضا عن أقباي نائب غزة بحكم فراره مع أقبردي. وقرر أزبك قفص في الرأس نوبة الثانية.

وفيه أشيع بين الناس أن الخليفة المتوكل على الله عبد العزيز قد اشتد به المرض، وأشرف على الموت، وقد عهد بالخلافة إلى ولده الشرفي يعقوب، وحكم بذلك قاضي القضاة المالكي عبد الغني بن تقي، ونفذه بقية القضاة، وعهد أيضا لولده محمد من بعد أبيه يعقوب … فلما بلغ ذلك ابن عمه خليل، اضطربت أحواله، وضاقت عليه الدنيا بما رحبت، وكان منتظرا للخلافة بعد عمه عبد العزيز، فلم ينله من ذلك شيء، وفاته المطلوب. فقدح في الشرفي يعقوب بكلمات قبيحة من نار قلبه، فلم يفده من ذلك شيء، ولم يلتفت إليه أحد من القضاة ولا السلطان. وتولى الخلافة يعقوب، على رغم أنف خليل، كما سيأتي ذكر ذلك، وقد قلت مع التضمين في هذه الواقعة:

قالت العليا لمن حاولها … سبق المولى وقد حل عراها

فدعوا الحاسد فيها أنها … حاجة في نفس يعقوب قضاها

فلما كان يوم الخميس سلخ المحرم من سنة ثلاث وتسعمائة، كانت وفاة أمير المؤمنين أبي العز عبد العزيز، وهو عبد العزيز بن يعقوب بن محمد المتوكل على الله. ولم يل والده يعقوب الخلافة، بل جده محمد المتوكل على الله. وكان الخليفة عبد العزيز رئيسا حشما ذاشهامة، جميل الهيئة كفؤا للخلافة، وافر العقل سديد الرأي، وله اشتغال بالعلم وحفظ جيد مع حسن عبارة، وكان عنده لين جانب واتضاع، كثير العشرة للناس. وتوفي وله من العمر نحو من أربع وثمانين سنة. ومولده بعد العام السابع عشر والثمانمائة، وكانت مدة خلافته تسع عشرة سنة وأياما. وحضر مبايعة الملك الناصر محمد بن قايتباي الأشرف رحمهم الله تعالى، ومبايعة قانصوه خمسمائة … وكان من خيار بني العباس، وكان له مشهد عظيم. ونزل الملك الناصر وصلى عليه بسبيل المؤمنين، ودفن بجوار مشهد السيدة نفيسة ورحمها ورحمهم، داخل القبة التي بها مشاهد الخلفاء.

ثم بعد وفاته تولى بعده ولده يعقوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>