للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفارقاني، وأحضر المعاصير والكسارات، وأحمى خود حديد على النار، وطلب الناس بالرسل الغلاظ الشداد. فأما قاضي القضاة المالكي ابن تقي فإنه اختفى في بيته، وكذلك قاضي القضاة الحنبلي الشهاب الشيشيني. وطلب القاضي شهاب الدين أحمد ناظر الجيش فامتنع مما قرر عليه، فطرح على الأرض ليضرب. وكذلك ناظر الخاص علاء الدين بن الصابوني. وعلى هذا فقس بقية الناس من الأعيان والمشاهير. فجمعت تلك الأموال من الناس بالضرب والحبس والتراسيم، وحصل لهم غاية المشقة بسبب ذلك، فكثر الدعاء على الناصر وخاله. وقد تزايد الظلم والجور في تلك الأيام إلى الغاية، حتى فرج لله تعالى عن قريب، وكان كما قيل:

وماذا ينفع الترياق يوما … إذا وافى وقد مات اللديغ

فلما تكامل جمع الأموال ابتدأ السلطان بتفرقة النفقة، فأعطى لطائفة المماليك القايتباهية، لكل واحد منهم خمسون دينارا، وما عدا ذلك خمسة وعشرين دينارا.

وفيه أن من أخبار الملك الناصر التي هي في غاية البشاعة، أنه دخل إلى حارة الروم، وهجم على دار إبراهيم مستوفى الخاص ليلا، وقبض على ولده أبي البقاء ورام توسيطه، فألقى والده نفسه عليه وافتداه بألف دينار. قيل: كان سبب ذلك أن الناصر بلغه أن زوجة أبي البقاء جميلة، فهجم عليه بسببها فأخفوها منه، فجرى بسبب ذلك ما جرى. وهذا الكلام مستفاض بين الناس والله أعلم.

وفيه جاءته الأخبار من بلاد المغرب بأن المسلمين أخذوا حصن جربة من أيدي الفرنج، وكانوا قد استولوا عليه نحوا من سنة وأشهر، فكانت النصرة للمغاربة على الفرنج.

وفيه كثرت الفلوس الجدد بأيدي الناس، حتى صار النصف الفضة يصرف بأربعة عشر من الفلوس الجدد. وصار الدينار الذهب يصرف من الفلوس بثلاثين نصفا.

وصارت البضائع تباع بسعرين: سعر بالفضة، وسعر بالفلوس الجدد. وأضر ذلك بحال الناس وقد وقع في دولة الأشرف قايتباي أن النصف الفضة وصل صرفه بالفلوس أربعة وعشرين.

وفيه تزوج قايتباي قمر أمير آخور كبير، بنت يشبك الدوادار التي كانت زوجة كرتباي ابن عمة السلطان الأشرف قايتباي الذي قتل في واقعة أقبردي بمدرسة السلطان حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>