وفيه تزايد أمر العربان بالشرقية، حتى خرج إليهم قانصوه خال السلطان، وقرقماس رأس نوبة كبير. فلما خرج قانصوه خال السلطان سرح في بلاد الشرقية والغربية سرحة عظيمة، وغاب نحوا من شهر، ودخل عليه جملة تقادم حافلة من الكشاف ومشايخ العربان وغيرهم.
وفيه قصد السلطان أن يخرج إلى مولد سيدي أحمد البدوي ﵀ ورضي عنه، فلم يمكنه الأمراء من ذلك.
وفيه توفي الخطيب الوزيري شمس الدين محمد بن إبراهيم بن عثمان المالكي، وكان من أهم العلم والفضل لا بأس به.
*****
وفي ذي الحجة عاد قانصوه خال السلطان من السرحة، فنادى له السلطان في القاهرة بالزينة فزينت له. ثم أنه دخل في موكب حافل، وطلع إلى القلعة، فخلع عليه السلطان خلعة سنية. فلما نزل من القلعة، ووصل إلى رأس الصوة، لاقاه جماعة من المماليك السلطانية الجلبان، وبأيديهم دبابيس مسحوبة، فقالوا:"قل للسلطان ينفق علينا بسبب نصرته على أقبردي". واستمروا يحاصرونه في رأس الصوة إلى أن دخل بيته الذي عند درب حمام الفارقاني. فلما دخل بيته الذي عند درب حمام الفارقاني. فلما دخل إلى بيته وقفوا له على الباب حتى قلع الخلعة وأكل المدة، وأركبوه ثانيا وطلعوا به إلى القلعة، وهو مهدد معهم بالقتل. فلما طلع إلى السلطان لم يوافقه على ذلك، فرد الجواب على المماليك بالمنع من السلطان، فاستمروا صابرين حتى مضى عيد النحر وانقضى أمر تفرقة الأضحية، فلبسوا آلة الحرب، وطلعوا إلى الرميلة، وحاصروا السلطان وهو بالقلعة - وكان قانصوه خاله عنده فوق القلعة - وتوجهوا إلى بيت الأتابكي أزبك فأركبوه غصبا وطلعوا به إلى القلعة، فتكلم مع السلطان في ذلك فامتنع ساعة. ثم أنه وقع الاتفاق على أنه ينفق عليهم بعد مضي شهر، لكل مملوك خمسون دينارا. فلما نزل الأتابكي أزبك من القلعة، رد عليهم الجواب بذلك فخمدت تلك الفتنة وقلعوا آلة السلاح.
وفيه أخذ السلطان في أسباب جمع الأموال، فوزع على المباشرين جانبا، وعلى قضاة القضاة جانبا، وعلى أعيان الناس من التجار، وغير ذلك حتى على اليهود والنصارى قاطبة، ومشاهير السوقة والمتسببين. وكان القائم في ذلك قانصوه خال السلطان وأعوانه، وهم ناصر الدين الصفدي وكيل بيت المال، وإبراهيم المهاجري إمام الأمير رقانصوه خال السلطان، وقانى بك الدوادار. فجلس قانصوه خال السلطان في داره التي عند درب حمام