للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه تزوج السلطان بمصرباي الجركسية، زوجة كرتباي أخي أقبردي الدوادار، الذي كان نائب صفد، ووقع بين السلطان وأمه بسبب زواج مصرباي ما لا خير فيه، وكانت عليه كعب الشوم، فأقام معها دون الشهر وقتل.

*****

وفي ربيع الأول طلع القضاة الأربعة للتهنئة بالشهر، فلما تكامل المجلس أحضر السلطان المصحف العثماني بين يديه وحلف العسكر قاطبة عليه، ثم حلف الأمراء. فلما حلفوا قالوا مثل ما حلفنا للسلطان يحلف لنا هو أيضا أنه لا يمسك منا أحدا بغير سبب، فتوقف السلطان في ذلك اليمين، وكان المتكلم بين السلطان والأمراء تاني بك الجمالي أمير سلاح. فانفض المجلس على مانع ونزل الأمراء من غير رضا.

فلما كان يوم الجمعة لم يطلع من الأمراء أحد إلى صلاة الجمعة مع السلطان، واجتمعوا في بيت قانصوه خاله، ولم يمكنوه من الطلوع إلى القلعة. واستمر الحال إلى يوم الاثنين. ثم أن السلطان أرسل نقيب الجيش إلى طومان باي الدوادار الثاني وطراباي أمير آخور ثاني، وأزدمر شاد الشراب خاناه، وأسنباي، فقال لهم نقيب الجيش عن لسان السلطان: "رسم السلطان لكم بأن تكتبوا وصية وتخرجوا في عقيب هذا اليوم وتتوجهوا إلى مكة المشرفة من البحر". فلم يلتفتوا إلى كلام نقيب الجيش، وقالوا له: "ما نخرج من مصر لموضع، ومهما يفعله بنا يفعل". فعند ذلك أضمروا له السوء، وتغيرت عليه خواطر الأمراء قاطبة وهو في غفلة عما يراد به. وقد حقدوا عليه قبل ذلك مما يقع منه من هذه الأفعال الشنيعة، وصار كل أحد من الناس حاقدا عليه باطنا وظاهرا من سوء تدبيره. كما قيل:

ما تفعل الأعداء في جاهل … ما يفعل الجاهل في نفسه

وفيه ظهر مصر باي وآخرون من الأمراء ممن كانوا مختفين من عصبة أقبردي الدوادار. فلما ظهروا طلعوا إلى القلعة، وهم: مصرباي، وقانبك أبو شامة، وقانصوه التاجر، وتمراز جوشن، وقانصوه الساقي، وآخرون من الخاصكية، وكان ظهور هم بأمر السلطان وجماعة من الأينالية، منهم: دولات باي بن عيني، وبرقوق الساقي. فلما قابلوا السلطان خلع عليهم وعلى خاله، وأشيع بأن الصلح قد وقع بين حلف أقبردي الدوادار وبين حلف قانصوه خمسمائة، وكان هذا أكبر أسباب الفساد في حق الملك الناصر، وأخذ عقيب ذلك بأيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>