للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه فرق السلطان نفقة البيعة على العسكر، وقد جمع هذا المال من وجوه الظلم والمصادرات، ففرق على جماعة مخصوصة من العسكر، وقطع للأكثر من الجند، وأولاد الناس وغيرهم.

وفي يوم الخميس ثالثه حضر قصروه الصغير، الذي كان قد توجه إلى قصروه نائب الشام ببشارة سلطنة الأشرف جان بلاط. فلما عاد أخبر أن قصروه نائب الشام باق على عصيانه، ولم يدخل تحت طاعة الأشرف جان بلاط، ولم يلبس خلعته، ولا قبل له الأرض. فلما تحقق السلطان ذلك تنكد إلى الغاية، وكان يظن أن قصروه يدخل تحت طاعته، فجاء الأمر بخلاف ذلك.

وفي يوم الجمعة رابعه صلى السلطان صلاة الجمعة، وجلس بباب الستارة، وخلع على الأمير تاني بك الجمالي، وقرره في الأتابكية عوضا عن نفسه. وكان السلطان أخر الوظيفة لقصروه، فلما تمادى على عصيانه قرر بها تاني بك الجمالي، وخلع على الأمير طومان باي، وقرره في أمرية السلاح، مضافا لما بيده من الدوادارية الكبرى وقرره أيضا في الوزارة والاستادارية، وكشوفية الكشاف - كما كان الأمير يشبك بن مهدي - فعظم أمره جدا، وصار صاحب الحل والعقد في تلك الأيام.

وفيه استمر قرقماس بن ولي الدين في ولاية حلب كما قرره الظاهر قانصوه، وقرر برد بك الطويل في نيابة طرابلس عوضا عن قيت الرحبي الذي كان تعين إليها وقرر قانصوه بن سلطان جركس المعروف بابن اللوقا في نيابة حماه، وكان قرره قبل ذلك في نيابة غزة، ثم بطل أمر هؤلاء النواب جميعا وحدثت أمور بعد ذلك يأتي الكلام عليها في موضعها.

وفي يوم السبت خامس المحرم، الموافق لثامن مسرى، وفي النيل المبارك، وكسر يوم الأحد سادس المحرم. فلما وفى توجه الأمير طومان باي الدوادار، وفتح السد على العادة، فأظهر في ذلك اليوم غاية العظمة، وفرق على المتفرجين نحوا من مائتي مجمع حلوى، ومائتي مشنة فاكهة، حتى فرق البطيخ الصيفي، ونثر للعوام فضة لما أراد أن يركب عند السد، فارتفعت له الأصوات بالدعاء وكان له يوم مشهود وكان هذا آخر فتحة للسد وعقيب ذلك تسلطن، وجرت عليه أمور يأتي الكلام عليها. فابتهج الناس بيوم الوفاء لكون النيل كان وفاؤه مسرعا، وحصل به غاية النفع، وكان نيلا عاليا مباركا، فكان كما يقال:

كأن في يوم الوفا نيلنا … أتقن علم الحرف بالضبط

إذ بالصبا صفحات خلجانه … تجدولت بالكسر والبسط

<<  <  ج: ص:  >  >>