وفيه تكلم وسائط السوء مع السلطان في إعادة وظيفة نظر الأوقاف، فلما عرضوا ذلك على الأمير طومان باي، لم يوافق على إعادة هذه الوظيفة. وكان الملك الناصر أبطلها بواسطة كرتباي الأحمر. فلما توجه كرتباي الأحمر إلى الشام، وطاش الملك الناصر بعده، سعى محمد بن العظمة الذي كان ناظر الأوقاف في إعادته إلى هذه الوظيفة. وكان الساعي له عبد القادر في إعادته إلى هذه الوظيفة، وكان الساعي له عبد القادر البواب بواب الدهيشة، فقرره السلطان في نظر الأوقاف. فأقام بها مدة يسيرة، وضج منه الناس، فشكوه للملك الناصر فقبض عليه، وضربه ضربا مبرحا، ونفاه إلى قوص، وقد تولى هذه الوظيفة غير ما مرة ولم ينتج أمره، وقد تولاها جماعة كثيرة منهم شخص يسمى الفار الوكيل فلم ينتج أمره، وتولى بها أيضا شرف الدين بن البدري حسن فلم ينتج فيما تقرر عليه من المال. وقد تولاها جماعة كثيرة، ولم يمكنهم السداد - وهي وظيفة شر وظلم - فشكر الناس فعل الأمير طومان باي الدوادار على إبطال هذه الوظيفة في تلك الأيام المسيئة.
وفيه قبض السلطان على شمس الدين بن مزاحم ناظر الإصطبل، وقرر عليه مالا له صورة يورده للخزائن الشريفة.
وفيه عاد سنباي نائب سيس أحد المقدمين، وكان توجه إلى الكرك لقتال بني لام، وعاد من غير طائل.
وفيه اجتمع السلطان بالأمراء وضربوا مشورة في أمر قاصروه نائب الشام، فأشاروا على السلطان بأن يرسل إليه قاصدا، فعين شخصا من الأمراء العشراوات، وهو أزدمر الفقيه، وعين معه الأمير أصباي فتوجها إليه عن قريب. وفي أثناء ذلك حضر خاير بك الكاشف الذي كان الظاهر نفاه، وفر من أثناء الطريق وتوجه إلى قصروه، وأظهر العصيان معه … فلما بلغه سلطنة الأشرف جان بلاط، فر من عند قصروه ودخل تحت طاعة الأشرف جان بلاط. فلما حضر خلع عليه، ووعده بتقدمة ألف.
وفي خامس عشريه كان دخول الحاج إلى القاهرة، وقد حصل لهم مشقة زائدة، وعوقهم العرب حتى فات ميعاد دخولهم.
وفيه تعين تمرباي خازندار الأمير طومان باي، وأظهر للسلطان أنه يروم الصلح بينه وبين قصروه، وكان الأمر بخلاف ذلك، وإنما أرسل تمرباي في عمل مصلحة نفسه، وقد ظهر ذلك فيما بعد، وتلاعب بالأشرف جان بلاط، وهو يظن أنه له من الناصحين وهو بضد ذلك. كما يقال في أمثال "الصادح والباغم")