ثم إن السلطان نقل إلى القلعة من البقسماط والجبن والغنم والبقر والأوز والدجاج والقمح والشعير وأشياء كثيرة من احتياج المطبخ ما يكفي للمحاصرة نحو الشهرين، ثم نادى في القاهرة بإصلاح الدروب، وإصلاح باب المدينة … فاضطربت الأحوال، وتزايدت الأقوال، وكثر القيل والقال، ووزعوا قماشهم في المخابي، وظن كل أحد أن هذه فتنة مهولة ما تنجلي إلا عن أمور شتى. وصار الناس في رعب من ذلك، وقد اشتد الأمر جدا.
وفيه قبض السلطان على إسماعيل زامل وشنقه على باب الميدان، وسبب ذلك أنه هرب تمرباي خازندار طومان باي الذي تسلطن بالشام، مكنه أن يتوجه إلى الشام، وما أعلم السلطان بذلك، فشنقه لأجل ذلك، وصار له ذنب كبير. ثم إن السلطان أراد أن يقبض على الأمير طراباي، وعوقه بالقلعة ساعة، ثم بدا له ترك هذا الأمر. ثم إن السلطان رسم بقطع سلالم مدرسة السلطان حسن، وأمر بنقض أماكن من دار يشبك الدوادار ونقل إلى القلعة أخشابا كثيرة صنع منها عدة طوارق، وسلالم خشب، وغير ذلك من آلة الحرب. ثم فتح الزردخانة، وفرق منها على جماعة من الجند عدة سيوف، وزرديات، ولبوس وتراكس وقسى ونشاب وغير ذلك، ثم فرق عليهم عدة خيول خاص من خيول الأمراء الذين خامروا مع طومان باي … فأخذ خيولهم وفرقها على العسكر، وفرق عليهم من خيوله الخاص أيضا، وأرضى العسكر بكل ما يمكن، وأنعم على أكثرهم بوظائف وإقطاعات، وفرق مثالات تكتب على بياض على جميع من كان عنده … ولم يفده من ذلك شيء، فكان كما قيل:
إذا طبع الزمان على اعوجاج … فلا تطمع لنفسك في اعتدال