وفي جمادي الآخرة، في يوم الأربعاء مستهله، خلع السلطان على الأمير عبد اللطيف الطواشي وقرره زماما وخازندارا كبيرا، عوضا عن جوهر المعيني بحكم وفاته كما تقدم.
وفيه توفي الشيخ الصالح المعتقد سيدي عبيد القفاص، وكان من الصالحين.
وفي يوم السبت رابعه جاءت الأخبار بأن العادل طومان باي خرج من الشام، هو وقصروه نائب الشام، ودولات باي نائب حلب، وجماعة من النواب، والتف عليهم الجم الغفير من عسكر الشام، وعربان جبل نابلس والعشير، وغير ذلك. وقد وصل إلى غزة، فلما تحقق السلطان ذلك، علق الصنجق السلطاني على باب السلسلة، ونادى للعسكر بأن يطلع الطائع إلى القلعة، ومعه آلة الحرب وأن سائر الأمراء تطلع إلى القلعة صغارهم وكبارهم، ثم رسم لقضاة القضاة بأن يطلعوا إلى القلعة فطلعوا إلى القلعة، وكذلك سائر المباشرين من أرباب الوظائف، يطلعون إلى القلعة أجمعين. فامتثلوا ذلك، وطلعوا إلى القلعة، وأقاموا بها، واحتاط في الأمور بكل ما يمكن، ولم يفده من ذلك شيء. فكان كما يقال:
إذا لم يكن عون من الله للفتى … فأول ما يجني عليه اجتهاده
فلما كان يوم الخميس تاسعه، وصل العادل بمن معه من العساكر إلى خانقاه سرياقوس، ودخل أوائل عسكره إلى القاهرة، فماجت القاهرة واضطربت، وقلق الأشرف جان بلاط وضاقت عليه الدنيا بما رحبت. فكان كما يقال في المعنى:
قد كان يرجف في ليالي وصله … قلبي، فكيف الآن عند صدوده
وفيه جاءت الأخبار بوصول عسكر العادل إلى المطرية، فخرج إليه بعض العساكر السلطانية، وتقاتلوا معهم هناك قتالا هينا. ففر منهم أزبك النصراوي، ودخل تحت طاعة العادل، وقبل له الأرض، فخلع عليه العادل هناك، وقرره والي الشرطة بالقاهرة. ثم إن بعض المماليك توجه إلى بيت العادل الذي كان ساكنا به، وهو بيت الظاهر تمربغا الذي عند سوق السلاح بالقبو، فأحرقوا مقعده ومبيته، ونهبوا منه بعض أثاث.
وفي يوم السبت حادي عشره، كان دخول العادل طومان باي إلى القاهرة، فدخل من باب الفتوح، ورفع على رأسه صنجق خليفتي، وكان معه من الأمراء قاني باي الرماح