وفي جمادي الأولى، في يوم الخميس ثامنه، خلع السلطان على العلامة برهان الدين إبراهيم الدميري، وقرره في قضاء المالكية عوضا عن ابن تقي بحكم وفاته. وقد اشتبه على ولاية قاضي القضاة برهان الدين الدميري هل كانت في شهر ربيع الآخر أو في جمادى الأولى.
وفيه قبض السلطان على جماعة من الأمراء، منهم قانصوه الفاجر أحد الأمراء الطبلخانات، وتاني بك الأبح، وأسنباي الأصم، وآخرون من الأمراء. فأرسل قانصوه الفاجر إلى السجن بثغر الإسكندرية، ثم أن الأتابكي قيت شفع في تاني بك الأبح وأسنباي الأصم.
وفيه خلع السلطان على الأمير علان بن قراجا، وقرره في ولاية الشرطة بالقاهرة عوضا عن طومان باي الجلب، وخلع على تاني بك الخازندار وقرر في الحسبة على شخص يسمى محمد بن يوسف، وكان جابي أوقاف الجامع المؤيدي، فقرره في نظر الأوقاف كما كان محمد بن العظمة، فحصل للناس منه غاية الضرر، وصار يشوش على أعيان الناس ويبهدلهم، وصار يعضده شخص من الأمراء العشراوات حتى لا يحتمي عليه أحد من الناس، فوقع منه أمور مهولة في حق الناس، فكان كما يقال:
ما كنت أحسب أن يمتد بي زمني … حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا … من قبله فتمنى فسحة الأجل
وفيه وثب العسكر ولبس آلة السلاح، ولم يكن لهذه الركبة سبب، فأسفرت القضية على أن هذه حيلة على الأمير مصرباي حتى يظهر إن كان هو مختفيا بمصر فيظهر. فلما علم أنها حيلة عليه لم يظهر، فخمدت تلك الفتنة في أواخر النهار عن غير طائل.
وفيه طلع مجد الدين بك كراوية ناظر الدولة، وشكا إلى السلطان انشحات الديوان وعدم وجود اللحم، فوكل السلطان به بالقلعة، وأقام نحوا من اثني عشر يوما وطباق المماليك معطلة من اللحوم، فضج العسكر. من ذلك ثم أن السلطان رسم بقطع لحوم أولاد الناس والمباشرين والفقهاء وغير ذلك من الناس قاطبة حتى رواتب الخوندات، وألا يصرف سوى للماليك فقط … فما عن قريب حتى وصل الأمير طقطباي بن ولي الدين وزير الديار المصرية - وكان مسافرا إلى جهة الصعيد - فأحضر صحبته اثني عشر ألف رأس من الغنم، فعد ذلك من جملة سعد السلطان.