وفيه أرسل السلطان قبض على خوند أصل باي أم الملك الناصر، وطلع بها إلى القلعة، ووكل بها عدة من الطواشية، وأقامت في الترسيم مدة أيام وقاست غاية البهدلة، وقرر عليها مال له صورة فلم تورد منه شيئا وأظهرت العجز، فرسم السلطان بنفيها إلى مكة، فشفع فيها الأمير قرقماس أمير سلاح والأمير طراباي من النفي، وأوردت من المال الذي قرر عليها بعض شيء.
وفي هذا الشهر أنفق السلطان على العسكر نفقة البيعة، فأنفق على طبقتين كالحكم الأول، فكان مجموع ما أنفقه في هذه المدة على أربعة طباق لا غير.
وفيه تعطلت الأسواق من البيع والشراء بسبب فلوس جدد ضربها السلطان تخسر في المعاملة الثلث.
وفيه جاءت الأخبار بقتل كاشف الشرقية، قتله العرب. فلما قتل خلع السلطان على أقباي وقرره في كشف الشرقية عوضا عن الذي قتله العرب.
*****
وفي ربيع الأول عمل السلطان المولد النبوي بالحوش، واجتمع القضاة الأربعة وسائر الأمراء، وكان يوما مشهودا، وهذا كان أول موالد السلطان.
وفيه انتهت زيادة النيل المبارك إلى سبعة عشر أصبعا من عشرين ذراعا واستمر ثابتا إلى نصف بابه.
وفي يوم السبت سابع عشرينه خلع السلطان على موفق الدين بن القمص القبطي وقرره في التحدث على أوقاف الزمامية نيابة عن عبد اللطيف الزمام.
وفي سلخ هذا الشهر كانت وفاة قاضي القضاة المالكي عبد الغني بن تقي، وكان عالما فاضلا من ذوي البيوت، مات وهو في عشر السبعين، وكان لا بأس به.
*****
وفي ربيع الآخر جاءت الأخبار من ثغر الإسكندرية بأن الأمير مصرباي الدوادار قد كسر قيده وهرب من البرج، وقد قيل: إن شخصا من مماليكه يقال له: إياس صنع له مبردا من فولاذ وجعله ضمن موكبة شمع وأدخلها لأستاذه وهو في البرج فبرد به قيده ونزل من أعلى السور، وأحضر إليه مركبا صغيرا فنزل به وقد ستر الله عليه وتمت حيلته فحضر إلى القاهرة في الخفية، فلما أشيع هذا الخبر اضطربت أحوال الأمراء وبقي على رؤوسهم منه طيرة، وصار الوالي في كل يوم وليلة يكبس بسببه البيوت والحارات، وحصل للناس غاية الضرر.