للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي صفر - في يوم الثلاثاء ثامنه - كان وفاء النيل المبارك، وقد أوفي تاسع مسري، فتوجه الأمير سودون العجمي أمير مجلس، وفتح السد على العادة، وكان الأتابكي قيت غائبا في مكة كما تقدم.

وفي الخميس عاشره، دخل الأمراء الذين قد توجهوا إلى الشرقية والغربية بسبب فساد العربان كما تقدم.

وفيه ابتدأ السلطان بعمارة الميدان الذي تحت القلعة، فعلى حيطان سوره، ورمى في أرضه الطين الكثير قدر أربع أذرع، وجعل ذلك في الجهة الغربية من الميدان، ثم ساوى أرضه وفرش بها النقارة. ثم شرع في بناء مقعد وبيت بالميدان برسم المحاكمات، وأنشأ في الجهة الغربية من الميدان قصرا حافلا، ومنظرة، وبحرة، وغير ذلك من البناء الفاخر.

ثم شرع في نقل أشجار من سائر الفواكه وأصناف الأزهار والرياحين وغير ذلك، فغرست بالميدان في الجهة الغربية، ثم أجرى إليه المياه من السواقي التي بباب القرافة، وأجرى إليه المياه أيضا من السواقي التي بحدرة البقر. ثم أنشأ قصرا على باب الميدان مطلا على الرملة، وصنع ممشاة من القلعة إلى الميدان بسلالم متصلة إلى ذلك القصر المطل على الرملة، وجعل للميدان بابا كبيرا، وعليه سلسلة حديد، وإلى جانبه باب صغير أيضا، وعليه سلسلة من الحديد مثل الباب الكبير. ثم أمر بعمارة سبيل المؤمنين، وعقد سقفه بالحجر النحيت، وأنشأ إلى جانبه حوضا وساقية، وصنع هناك مغسلا برسم الأموات، وميضة وغير ذلك مما ينتفع به وقيل إن السلطان صرف على بناء هذا الميدان من مبتدئه إلى منتهاه نحوا من ثمانين ألف دينار، ولكن وقع له في بناء هذا الميدان أمور غريبة لم تقع لأحد قبله من الملوك، وكان غالب مواكبه به، ووقع له به محاكمات غريبة، وأوقات عجيبة، يأتي الكلام عليها في مواضعه.

*****

وفي ربيع الأول - في يوم الخميس ثانيه - دخل الأتابكي قيت الرحبي وصحبته الحجاج الذين حجوا معه تلك السنة، فلما دخل إلى القاهرة كان له يوم مشهود، وكان صحبته أولاد أمير مكة، وهم الشريف بركات، وأخوه قايتباي، وبقية إخوته، والوزير عنقا، وأخوه وهم الجميع في زناجير حديد. فما شكر الأتابكي قيت على تلك الفعلة، فلم يقدر على تحصيل الجازاني، فقبض على إخوته هؤلاء، وأحضرهم في الحديد وعمل حكمه فيهم. وأظهر بمكة غاية الجور والمظالم، وما حصل بتوجهه إلى مكة خير، بل

<<  <  ج: ص:  >  >>