للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزايد أمر الفتنة التي كانت بين أولاد أمير مكة، ووقع من بعد ذلك أمور يأتي الكلام عليها في مواضعه، فكان كما يقال:

حججت البيت ليتك لا تحج … فظلمك قد فشا في الناس ضج

حججت وكان فوقك حمل ذنب … رجعت وفوق ذاك الحمل خرج

فلما طلع الأتابكي قيت إلى القلعة، وعرض الشريف بركات وإخوته على السلطان، رسم بفكهم من الحديد، ونزلوا مع الأتابكي قيت إلى داره، وأقاموا بها حتى كان من أمرهم ما سنذكره في مواضعه.

ولما دخل الحاج إلى القاهرة أشيع بين الناس وفاة الشهابي أحمد بن العيني، توفي بالمدينة الشريفة، وكان لما توفي ولده الناصري محمد توجه إلى مكة وأقام بها نحوا من ست سنين. فلما جرى من الجازاني ما تقدم ذكره، فر منه الشهابي أحمد بن العيني إلى المدينة الشريفة فأدركته المنية هناك، فمات بها ودفن بالبقيع. وكان رئيسا حشما. وهو أحمد بن عبد الرحيم بن قاضي القضاة بدر الدين محمود العيني الحنفي عليه.

وكانت والدته ربيبة الملك الظاهر خشقدم، فلما تسلطن رقي الشهاب أحمد بن العيني في أيامه إلى الغاية، وصار صاحب الحل والعقد في تلك الأيام، حتى صار في زمرة أولاد السلاطين. وأنعم عليه الظاهر خشقدم بتقدمة ألف، وهي تقدمة قانم التاجر لما قرر في الأتابكية، واستمر على ذلك حتى تسلطن الأشرف قايتباي، فقبض عليه وضربه كما تقدم، واستصفى أمواله، وأخذ منه فوق المائتي ألف دينار. وقاسى بعد موت الظاهر خشقدم شدائد ومحنا، وآخر الأمر لما تسلطن الغوري أرسل يطلبه في الحديد، فلما دخل الأتابكي قيت إلى المدينة الشريفة وجده قد مات. وكان السلطان رسم للأتابكي قيت الرحبي بأن يقبض على ابن العيني ويحضر به في الحديد فلما دخل المدينة وجده قد مات ودفن بالبقيع وكفاه الله شر الغوري. وقد تقدم من أخباره ما يغني عن شهرته.

وكان السلطان رسم للأتابكي قيت عند عوده إلى مكة أن ينقل قانصوه الفاجر، وقانم أخا الظاهر قانصوه، من مكة إلى القدس، وكان السلطان نفاهما إلى مكة، ثم بدا له نقلهما إلى القدس، فلما حضرا صحبة قيت شق ذلك على السلطان وبعث بهما إلى القدس، ولم يقبل فيهما شفاعة. وكان من أمر قانصوه الفاجر ما سنذكره في موضعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>