وفي جمادى الأولى، نادى السلطان في القاهرة بأن أصحاب الدكاكين قاطبة يقطعون الطرقات من الشوارع قدر الذراع بالعمل، وكانت الطرقات قد عليت جدا، فلما رسم السلطان بذلك، حصل للناس الضرر الشامل بسبب الكلفة على ذلك، وقد استحثوا الناس في سرعة العمل، وعز وجود الترابة وصار الطلب في ذلك حثيثا، وقد قلت:
من دولة الغوري ومن جوره … لقد حملنا فوق ما لا نطيق
وقد كفى من فعله ما جرى … من قلة الأمن وقطع الطريق
وفي خامس عشره خلع السلطان على شخص من الأمراء العشراوات يقال له "قنبك" فقرر في نيابة غزة وخرج عن قريب.
وفيه قوي عزم السلطان على أن يدور المحمل في رجب، وتلعب الرماحة على العادة القديمة، وكان هذا الأمر قد بطل من سنة اثنتين، وسبعين وثمانمائة، من دولة الظاهر خشقدم، ونسي هذا الفن من يومئذ، فأراد السلطان أن يجدد هذا الأمر حتى يصير له التذكار بين الملوك بتجديد هذا الفن، فعين الأمير تمر الحسني المعروف بالزردكاش بأن يكون معلم الرماحة، وعين معه من الباشات أربعة وهم: أبو يزيد أحد الأمراء المقدمين، وجانم الدوادار الثاني، وهو قرابة قانصوه خمسمائة، وعلان والي القاهرة، وقرقماس المقري. وعين من الخاصكية أربعين مملوكا على جاري العادة القديمة.
*****
وفي جمادى الآخرة، خرجت الرماحة المعينون للعب الرمح، فلعبوا عند زاوية الشيخ أبو العباس الحرار رحمة الله عليه.
وفيه خلع السلطان علي شرف الدين الصغير وقرره في نظر الدولة، عوضا عن مجد الدين بن كراوية بحكم صرفه عنها.
وفيه كان انتهاء عمارة المقعد والمبيت التي أنشأها بالميدان، فجلس السلطان في المقعد، ورسم للرماحة بأن يسوقوا قدامه في الميدان، فساقوا وهو جالس وحوله الأمراء.
فلما ساقوا عيبت عليهم المماليك القرانصة، وخطأهم في طريقة لعب الرمح عما كان يفعله الأقدمون من البنود التي كانت تقع في لعب الرمح على العادة القديمة.