للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بيّن ذلك الأستاذ مصطفى الزرقا - رحمه الله - قائلا: «وأما التعدي فيستعمل في معنيين يجب التمييز بينهما، وتحديد أي منهما هو المراد في هذا المقام:

* فالمعنى الأول للتعدي هو المجاوزة الفعلية إلى حق الغير أو ملكه المعصوم.

* والمعنى الثاني الذي قد يعبر عنه بالتعدي هو العمل المحظور في ذاته شرعاً، بقطع النظر عن كونه متجاوزا على حدود الغير أم لا.

فالتعدي بالمعنى الأول (التجاوز) هو المقصود هنا في هذا المقام، وهو شرط أساسي في مسئولية كل من المباشر والمتسبب على سواء.

ولا يشترط لمسئولية المتعدي بهذا المعنى - مباشرا كان أو متسببا - أن يكون متعمدا، أي: قاصدا للإضرار، بل يستوي عند وجوب التعدي الخطأ والعمد.

أما المعنى الثاني للتعدي (وهو العمل المحظور شرعا) فليس بشرط للمسئولية في كل من المباشر والمتسبب، بعد توافر التعدي بمعنى التجاوز إلى حق الغير أو ماله المعصوم.

فقد يتحقق التعدي بهذا المعنى، ولا يكون الفعل محظوراً شرعاً، بل قد يكون واجباً ويثبت معه الضمان» (١).

وإن هذا التمييز الذي ذكره الأستاذ مصطفى الزرقا جيد وواضح، وبه يرتفع التعارض بين من اشترط التعدي لوجوب الضمان على المتلف المباشر ومن لم يشترطه (٢).

وحينما نظرت في كلام الذين لم يشترطوا التعدي في وجوب الضمان على المتلف المباشر، وجدت أنهم يريدون بالتعدي أحد أمرين:


(١) الفعل الضار (ص ٧٨ - ٧٩).
(٢) انظر: بحوث في قضايا فقهية (ص ٢٩٦)، ضمان العدوان (ص ٢٤٢).

<<  <   >  >>