للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتجد في تلك الكتب ذكرا لسبب إجازتهم هذا الآن، ويكاد ينحصر في أن الحاجة تدعو إلى الوثيقة، والوثائق ثلاثة: (١)

الشهادة والرهن والضمان: فأما الشهادة فلا يستوفي منها الحق، وأما الرهن فلا يجوز في ذلك بالإجماع، لأنه يؤدي إلى أن يبق أبدا مرهونا، حيث يلزم حبس الرهن إلى أن يؤدي، وهو غير معلوم، فلم يبق إلا الضمان، فلو لم يصح لامتنعت المعاملات مع من لم يعرف، وفيه ضرر عظيم رافع لأصل الحكمة التي شرع البيع من أجلها.

فهم أجازوه إذن لجلب المصلحة، ومنع الضرر.

٢- ضمان السوق:

ومن الكفالات التجارية ما عرف باسم ضمان السوق، قال ابن تيمية:

" ضمان السوق، وهو أن يضمن الضامن ما يجب على التاجر من الديون، وما يقبضه من الأعيان المضمونة، ضمان صحيح، وهو ضمان ما لم يجب، وضمان المجهول، وذلك جائز عند جمهور العلماء، كمالك، وأبى حنيفة، وأحمد بن حنبل، وقد دل عليه الكتاب. كقوله {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} . والشافعي يبطله، فيجوز للكاتب والشاهد أن يكتبه ويشهد عليه، ولو لم ير جوازه، لأنه من مسائل الإجتهاد، وولي الأمر يحكم بما يراه من القولين " (٢)

وفى مجلة الأحكام الشرعية، تنص المادة ١٠٩٤ على ما يأتي:

" يصح ضمان السوق مثلا، لو ضمن ما يلزم التاجر، أو ما يبقى عليه للتجار، أو ما يقبض من الأعيان المضمونة، صح الضمان ".

وذكر ابن عابدين أن صاحب الفتاوى الحامدية سئل فيما إذا قال زيد مخاطبا لجماعة معلومين من أهل سوق كذا:

ما باعيتم عمرا أنتم وغيركم، فهو علي، فهل يلزم زيدا دين من خاطبهم دون غيرهم؟

فأجاب: نعم (٣)


(١) انظر على سبيل المثال: المغنى٥/٧٦ - ٧٨، روضة الطالبين ٤/٢٤٥ - ٢٤٩، والأم ٣/٢٠٤، والأشباه والنظائر: لسيوطى ٤٩٠، وبدائع الصنائع ٧/٣٤٢٠-٣٤٢١، والمدونة ٥/٢٦٩، ومطالب أولى النهى ٣/٣٠٣ - ٤ ٣٠.
(٢) فتاوي ابن تيمية ٢٩/٥٤٩
(٣) العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية ١/٢٨٥ وصاحب الفتاوى هو حامد العمادي، مفتي دمشقه الشام. واثني ابن عابدين عليه في المقدمة ص٢

<<  <  ج: ص:  >  >>