للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضاربة المشتركة في

المؤسسات المالية الإسلامية المعاصرة

إعداد

فضيلة القاضي

محمد تقي العثماني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى كل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن المضاربة أو القِراض من أفضل الطرق الإسلامية للتمويل، وبما أن المال فيه من جانب، والعمل من جانب آخر، والربح الحاصل مقسوم بينهما بالنسب المتفق عليها، فإنه من أقوى الوسائل للتوزيع العادل لثروة المجتمع إذا استخدم في المصارف والمؤسسات المالية، ولكن المضاربة ـ كما تصورها الفقهاء، وذكروا جزئيتها ـ عملية ثنائية بين فردين يقدم أحدهما المال والآخر العمل، وكان ذلك هو المعمول به في تلك الحياة البسيطة التي لا تتصور فيها المشاريع الكبيرة للصناعة والتجاربة التي تقتضي أموالًا جمة وتكاليف باهظة لا يستطيع تحملها فرد واحد في غالب الأحيان.

ولذلك نجد أن الفقهاء القدامى تحدثوا عن المضاربة الفردية التي يدخل فيها رجلان أحدهما رب المال والآخر مضارب. ولم يذكر الفقهاء بصفة عامة المضاربة الجماعية التي تضخ فيها أموال جمع كبير من الناس في وعاء واحد، تديره مؤسسة مالية بصفة كونها مضاربة لجميع أرباب الأموال. ولكن ليس معنى ذلك أن مثل هذه المضاربة الجماعية لا تجوز في الشريعة الإسلامية؛ لأن الشريعة إنما مهدت أصولًا وأحكامًا للمضاربة، وما دامت هذه الأصول والأحكام محتفظة، فإن أي صورة جديدة لتطبيق مبدأ المضاربة جائزة في الشريعة الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>